جَلَّيْتَ فِي حَلْبَةِ السِّبَاقِ - خليل مطران

جَلَّيْتَ فِي حَلْبَةِ السِّبَاقِ
وَجَدِّ مَنْ جَدّ فِي اللَّحَاقِ

مَوْعِدُنَا صَاقِبٌ وَلَكَنْ
وَاحَرَّ قَلْبَاً مِنَ الْفِرَاقِ

لاَ تَعْجَبُوا مِنْ بُكَاءِ كَهْلٍ
إِنَّ النَّوَى مُرَّةُ المَذَاقِ

يَبْكِي عَلَى عَلْمِهِ بِأَلاَّ
يَطُولُ عَهْدٌ دُونَ التَّلاَقِي

أَلْفَرْغَلِيُّ الأَرِيبُ وَلَّى
وَكَانَ مِنْ خِيرَةِ الرِّفَاقِ

رَاعَتْ حُلِيُّ الْبَدِيعِ فِيهِ
بَيْنَ المُنَابَاةِ وَالطِّبَاقِ

أَلْقَلْبُ عَفٌّ وَالقَوْلُ عَفٌّ
وَالفِكْرُ رَاقٍ وَالحِسُّ رَاقِ

جَلاَئِلُ الرَّأْيِ كَامِناتٌ
بَيْنَ أَسَالِيبِهِ الدَّقَاقِ

وَكُلُّ حُسْنِ الْبَيَانِ بَادٍ
فِي صَوْغِ أَلْفَاظِهِ الرَّقَاقِ

مِنْ عِظَمِ الْخُلْقِ لَمْ يَفُتْهُ
فِي كُلِّ حَالٍ أَوْفَى خَلاَقِ

قَدْ أَطْعَمَ السُّهْدَ مُقْلَتَيْهِ
وَأَقْلَقَ المَهْدَ بِالصِّفَاقِ

وَعِبْئُهُ فِي هَوَى حِمَاهُ
لَمْ يَلْقَهُ فِي الْحُمَاةِ لاَقِ

عَلاَمَ ضَاقَتْ بِهِ حَيَاةٌ
مَجَالُهَا وَاسِعُ النِّطَاقِ

جِدُّ المَسَاكِينِ هَؤُلاَء
الَّذِينَ عَاشُوا بِلاَ نِفَاقِ

إِذْ جَوْهَرُ الصَّدْقِ فِي كَسَادٍ
وَسِلْعَةُ الإِفْكِ فِي نَفَاقِ

يَا شَارِباً كَأْسَهُ دِهَاقاً
وَالْهَمُّ فِي كَأْسِهِ الدِّهَاقِ

أَلموْتُ فِيمَا عَلِمْتَ حَقاً
أَهْنَأُ رَاحٍ يَسْقِيهِ سَاقِ

يَا وَيْحَ لِلشَّرْقِ كَيْفَ يُفْنِي
قُوَاهُ فِي بُؤْرَةِ الشِّقَاقِ

إِنْ لَمْ يَرِدْ وِرْدَهُ مَرِيراً
مَاتَ مِنَ الغَمِّ فِي احْتِرَاقِ

وَلَمْ يُرَفَّهْ عَنْهُ عَنَاءٌ
بَيْنَ اصْطِبَاحٍ أَوِ اغْتِبَاقِ

دَعُوا الشُّعَاعَ المُضِيءَ يُزْهِرْ
بِلاَ حِجَابٍ وَلاَ اعْتِيَاقِ

هَلْ تَسْتَنِيرُ الْعُقُولُ وَالْبَدْ
رُ لَيْلَةَ التِّمِّ فِي مِحَاقِ

يَا مَنْ قَضَى عَنْ عَظِيمِ شَأْنٍ
فُزْ بِجَزَاءٍ لَهُ وِفَاقِ

إِنْ أَخْلَدَ المَرْءَ حُسْنُ فِعْلٍ
فَأَنْتَ بِالْخَالِدَات بَاقِ

هَذَا رَثَاءٌ أَطْلَقْتُ فِيهِ
وَهْيَ شُجُونِي بِلاَ سِيَاقِ

جَرَى بِهِ الحُزْنُ مِنْ فُؤَادِي
جَرْيَ دُمُوعِي مِنَ المَآقي