أَلِلشَّرْقِ سَلْوَى بِالبَيَانِ المُخَلَّدِ - خليل مطران

أَلِلشَّرْقِ سَلْوَى بِالبَيَانِ المُخَلَّدِ
إِذَا مَا غَدَا رَبُّ البَيَانِ بِلاَ غَدِ

تَوَلَّى وَلِيُّ الدِّينِ أَوْحَدُ عَصْرهِ
وَقَلَّ ثَنَاءً أَنْ يُسَمَّى بِأَوْحَدِ

صَدِيقٌ فَقَدْتُ الأُنْسَ حِينَ فَقَدْتُهُ
وَهَلْ مُوحَشٌ كَاليَائِسِ المُتَفَقِّدِ

تَبُلُّ ثَرَاهُ نَاضِبَاتُ مَدَامِعِي
وَقَلْبِيَ بَعْدَ اليَوْمِ فِي إِثْرِهِ صَدِي

وَأَشْعُرُ أَنْ الشِّعْرَ لَيْسَ بِمَانِحِي
لَدَى خَطْبِهِ إِلاَّ نَحِيبَ المُعَدِّدِ

خَلِيلَيَّ مَا بَالِي وَحَوْلِي خَلاَئِقٌ
تَعِجُّ أَرَانِي فِي سَكِينَةِ فَدْفَدِ

فَلاَ تُغْرِيَانِي بِالسُّلُوِّ فَقَدْ أَبَى
إِبَائِي سُلُوّاً حِينَ يُسْقَطُ فِي يَدِي

أُطَالِبُ بِالحُرِّ المُهَذَّبِ دَهْرَهُ
وَلَيْسَ مُجِيبِي غَيْرَ أَظْلَمِ مُعْتَدِ

قَضَى الخِدْنُ نِعْمَ الخِدْنُ فِي كُلِّ حَالَةٍ
قَضَى طَاهِرُ الأَرْدَانِ عَفُّ المُوَسَّدِ

قَضَى مَنْ عَلَى حَرْبِ الزَّمَانِ وَسَلْمِهِ
شَمَائِلُهُ كَانَتْ شَمَائِلَ سُؤْدُدِ

قَضَى مَنْ سَمَا نَفْساً وَعَزَّ نَبَالَةً
وَلَمْ يُكُ بِالعَاتِي وَلاَ المُتَمَرِّدِ

فَتىً لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ وَفِعَالِهِ
وَبَادِيهِ وَالخَافِي سِوَى كُلِّ جَيِّدِ

متَى يَنْتَدِبْ لِلذَّوْدِ عَمَّا بَدَا لَهُ
مِنَ الحَقِّ يَسْتَوْثِقْ فَيَنْوِ فَيَعْمِدِ

بِعَزْمٍ لَهُ حِينَ المضَاءِ إِضَاءَةٌ
تَرُوعُ كَإِشْعَاعِ الحُسَامِ المُجَرَّدِ

فَأَمَّا وَقَدْ بَانَ المَهِيبُ سِجَالُهُ
وَبَاتَ سِيَاجُ الفَضْلِ جِدَّ مُهَدَّدِ

لِيَفْخَرْ بِغَالِي دُرِّهِ كُلُّ كَاتِبٍ
وَيَجْأَرْ بِعَالِي صَوْتِهِ كُلُّ مُنْشِدِ

أَجِدَّكَ هَلْ تَسْخُو اللَّيَالِي بِشَاعِرٍ
مُجِيدٍ كَذَاكَ الشَّاعِرِ المُتَفَرِّدِ

وَهَلْ تَسْمَحُ الأَيَّامُ بَعْدُ بِنَاثِرٍ
لَهُ مِثْلُ ذَاكَ الخَاطِرِ المُتَوَقِّدِ

بِبَالِغِ غَايَاتٍ إِلَيْهَا انْتَهَى النهَى
وَصَائِغِ آيَاتٍ لَهَا سَجَدَ النَّدي

لِمُعْجِزِهِ نَظْماً وَنَثْراً شَوَارِدٌ
مِنَ الفِكْرِ لَمْ تُغْلَلْ وَلَمْ تَتَقَيَّدِ

يُرَادُ بِهَا وَعْرُ المَعَانِي وَصَعْبُهَا
بِسَهْلٍ مِنَ اللَّفْظِ الأَنِيقِ المُجَوَّدِ

فَيَبْعُدُ بِالتَّبْغِيضِ كُلُّ مُقَرَّبٍ
وَيَقْرُبُ بِالتَّحْبِيبِ كُلُّ مُبَعَّدِ

إِذَا وَصَفَتْ وَجْداً تَخَيَّلْتَهَا جَرَتْ
بِمَا اكْتَنَّ فِي جَفْنِ المُحِبِّ المُسْهَّدِ

تَسَمَّعُ مِنْهَا النفْسُ حِسّاً يَشُوقهَا
شَجِيّاً كَتَرْجِيعِ الهَزَارِ المُغَرِّدِ

نَفَائِسُهَا مِنْ دِقَّةٍ وَصِيَاغَةٍ
سَمَتْ عَنْ مُحَاكَاةِ الجُمَانِ المنضدِ

سَلاَمٌ أَدِيبَ الشَّرْقِ لاَ مِصْرَ وَحْدَهَا
سَلاَمٌ أَبَا الفَنِّ البَدِيعِ المُجَدَّدِ

يُذِيبُ فُؤَادِي ذِكْرُ مَا قَدْ بَلَوْتَهُ
مِنَ البُؤْسِ فِي الدُّنْيَا بِذَاكَ التَّجَلدِ

أَلاَ يَا لَقَوْمِي لِلْبَيَانِ فَإِنَّهُ
مُضَاعٌ بِإِهْمَالٍ وَفِقْدَانِ مُسْعِدِ

بِرَبِّكُمُو مَا رَوْضُكُمْ وَثِمَارُهُ
إِذَا الرَّوْضُ لِمْ يُمْطِرْ وَلَمْ يُتَعَهَّدِ

لَوَ أنَّ أُولِي الأَقْلامِ سُودُ صَحَائِفٍ
مِنَ الإِثْمِ لَمْ يُجْزَوْا بِأَنْكَى وَأَنْكَدِ

يُضَنُّ عَلَيْهِمْ بِاليَسِيرِ يَعُولُهُمْ
وَيُدْعَوْنَ لِلزِّينَاتِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ

ومِنْ مَجْدِهِمْ مَا يَسْتَظِل بِظِلهِ
بَنو الوَطَنِ الحُرِّ العَزِيزِ المُمَجَّدِ

فَيَا سُوءَ مَا يُجْدِيهِمِ فِي مَعَاشِهِمْ
تَجَرُّدُهُمْ لِلعِلْمِ كُلَّ التَّجَرُّدِ

أَلاَ يَا صَفِيّاً مَاتَ فِي شَرْخِ عُمْرِهِ
وَعَاشَ نَقِيَّ الطَّبْعِ غَيْرَ مُفَنَّدِ

إِلَى اللهِ فَارْجِعْ صَابِراً مُتَشَهِّداً
فَنِعْمَ وَلِيُّ الصَّابِرِ المُتَشَهِّدِ

جَرَعْتَ الأَذَى فِي مُتْرَعَاتٍ مِنَ القَذَى
فَذُقْ فِي نَعِيمِ الخُلْدِ أَعْذَبَ مَوْرِد