دعَتهُ الأماني فَخَلّى الرّبوع - رشيد أيوب

دعَتهُ الأماني فَخَلّى الرّبوع
وسارَ وفي النفسَ شيءٌ كثير

وفي الصّدرِ بينَ حنايا الضّلوع
لِنَيلِ الماني فؤادٌ كبير

فَحَثّ المَطايا وخاضَ البحار
ومرّت لَيالٍ وكرّت سنون

ولم يرجعِ

وألقى عصاهُ وحطّ الرّحال
بأرضِ الأشاوسِ والأشبلِ

تنمّ عَلَيهِ فعالُ الرّجال
كما نمّتِ الرّيحُ بالمندلِ

وراح يُغَنّي بصفوِ الزّمَان
غَناءَ البلابلِ فوقَ الغصون

على مسمعي

فمَرّت سعودٌ وجاءت نحوس
وقد نصل الدهرُ صبغ الشباب

فَعَلّل نفساً رَمَتها البؤوس
ببحَر همومٍ علاهُ الضَّباب

أيا نفس صبراً لحكم القضا
ويا نفس مهما دهتكِ الشجون

فلا تجزعي

فما بال نفسيَ بنت الخلود
تخافُ الخلود وتأبى الذهاب

وقلبي الخَفوقَ عَرَاهُ الجمود
أيخشى الترابَ ابنُ هذا التراب

وباتَ المُسافِرُ في حَيرَةٍ
بِمعنى الحَياة وسرّ المَنون

ولم يَهجعِ

أبا جيرَةَ الحيّ أين الطريق
فإني ضَلَلت عنِ المَنزِلِ

لقد كان لي في حماكم رفيق
من المَهدِ في الزّمنِ الأوَلِ

فغضّوا العيون وفِيها الدموع
فَحَارَ فُؤادي بتلكَ العيونُ

وفي الأدمعِ

وقالوا رَأينَا شَريداً يَجُول
بَعيداً عن النّاس في معزلِ

يَبِيتُ اللّيالي يَؤمّ الطّلول
ويَبكي على عَهدِهِ الأوَلِ

فقلنَا دعوهُ عَرَاهُ جُنون
ومرَت لَيالٍ وكرّت سنون

ولم يَرجعِ