دنَت المَنيّةُ وانقضى عمري - رشيد أيوب

دنَت المَنيّةُ وانقضى عمري
ونسِيتُ ما قد كان من أمري

غابَت رُسومٌ في مخَيّلَتي
كانت تضيءُ كأنجُمٍ زُهرِ

وخبَا فؤادٌ كان مُشتَعِلاً
بالحبِّ مثل النار في صَدري

ودويُّ نفسي الآن خارجَةً
منّي دويُّ الموجي في البحرِ

ماذا إذا رُفعَ الحجابُ غَداً
ألقى وقد أصبَحتُ في القبرِ

قد كنتُ حتى الأمس مُصطحباً
عزمي شعوري همّتي لبّي

إن قمتُ قام الحبُّ في أثَري
أو نمتُ نام الحبُّ في جنبي

وإذا بكيتُ بكيتُ مُنتَحباً
وإذا ضَحكتُ ضَحكتُ في قلبي

فحسبتُ نفسي في الهوى ملكاً
قَد تَوّجَتهُ إِلاهَةُ الحبِّ

واليومَ قَد أصبَحتُ منفرداً
لم أدرِ كيفَ تفرّقت صحبي

أنفَقتُ هذا العمرَ مُكتَئباً
وقطعتُ هذا العيشَ بالرّكضِ

ودرجتُ في الدنيَا على أَملٍ
باقٍ ولَو غُيّبتُ في الأرضِ

ما ضرّ نفسي والحياةُ مضَت
فإلى حَياةٍ غيرهَا تمضي

فالنفسُ من أخلاقِها أبَداً
إبدالُ ذاوي الغُصنِ بالغضّ

والعينُ إن طالَ السّهادُ بها
عند الضّحى حَنّت إِلى الغمضِ

دنيا وداعاً إن ثويتُ غداً
وتقَطّعَت في القبرِ أوصالي

وتساءلَت عني الطيورُ وقَد
تاقَت إِلى شَدوي وإعوالي

ورياضك الغَنّاء قَد عجبت
مِنّي بأنّي مُغرَمٌ سالِ

قولي بأني قد رحلتُ إلى
حيثُ الحِمامُ يفكّ أغلالي

ولحقتُ آمالي فقد سبَقت
قِدماَ غُرُوبَ الشمس آمالي