أفي كلّ يوم لي زَفيرٌ وأدمُعُ - رشيد أيوب

أفي كلّ يوم لي زَفيرٌ وأدمُعُ
إذن أنا بُركانٌ وبحرٌ يُصَدَّعُ

ألمّت بِصَدري كلُّ نازلَةٍ إِذا
ألمّت بصمّ الراسييات تزعزعُ

خطوبٌ تضيق الأرضُ عنها بوسعها
فهل أنتَ يا صَدري من الأرض أوسعُ

ائنّ أنيناً طالَ عهدُ امتدادِهِ
إِلى أنّه لم يبق للصبر موضِعُ

وصرتُ إِذا جالَ القريضُ بخاطري
يصوغُ القوافي فيّ قلبٌ مُفجَّعُ

أحبّاءنا خلف البحار أما لَكُم
لدَى حادثات الدهر مَن يتشفّعُ

أما لكُم في عالم الغيبِ مسعدٌ
أما في البرايا من لكم يتوجّعُ

تضَعضَعتُ لمّا قِيلَ شطّ مزارُكم
وقد كنتُ قبل اليوم لا أتضَعضَعُ

فيَا ساعد الله المحبّ فكُلّمَا
بدا بارقٌ من صوبكم يتَطلّعُ

متى العَهدُ يادنيايَ في من أُحبّهم
وحبل الأماني بالأسى يتَقَطّعُ

حرصتُ على الأيام لا شغَفاُ بها
ولولا اللقا ما كنتُ بالعيش أطمعُ

ألبنان هل مرّ الزمانُ الذي بهِ
يُقالُ هنِيئاً للذي فيك يرتَعُ

ألبنان أهوَالُ الحروبِ فظيعَةٌ
ولكنّ هولَ الموتِ بالجوعِ أفظعُ

سلامٌ على لبنان والجبل الذي
بكاه النّدى والمستجيرُ المروَّعُ

تجمّعتِ الأحداثُ فيهِ كأنّهُ
محطٌّ لأحداث الزّمانِ ومجمَعُ

توفيت الآمالُ حين عنا الذي
له الدهر قدماً كان يعنُو ويخضعُ

وصرنا بأيّامٍ تجنَّى ذِلِيلُهَا
على أنفسٍ عزّت وهَانَ الممنَّعُ

لقد أدركت فينا الأعادي بثارها
غداة تنادوا أنّ لُبنَان يُصرَعُ

وقد شاعَ في الدنيَا بأن جبلٌ هوَى
فهل أنتَ يا لبنان ذاك المشيَّعُ

تعَوّدتُ نظمَ الشعر فيكَ تَغَزّلاً
فماذا عسى في موقفي اليوم أصنعُ

جزى الله عني الوُرقَ خيراً فإنها
تنوح بواديه هناك وتسجعُ

أحبّاءنا والدهرُ فَرّقَ بينَنَا
يعزّ عَلَينَا من بعِيدٍ نوَدّعُ

بعثتُ لكم والشمسَ مني تحيّةً
لتنشرَها فوقَ الحمى حين تطلعُ

وها أنا أقضي الليلَ أرقبُ رجعها
فهل لي سلامٌ منكمُ حين ترجعُ

ويا أيها البرقُ المحلّقُ في الفضَا
يطلّ على أطلالهم وَيُلَعلِعُ

بِعيشِك قل لي هل ديار أحبّتي
بها القوم صرعى وهيَ قفرٌ وبلقَعُ

فإن كان ما أنبَأتَ حقّاً فسر إذن
إِلى خالقِ الأكوان إنّك أسرَعُ

وقل لإله الخلق عمَّا جرَى بهِ
لَعَلّ له عطفاً فيصغي ويسمعُ

فيا لَيتَ شعري كم يَبيتُ على الطوى
قريح جفون صَوتُهُ مُتَقَطّعُ

لهُ زَفَرَاتٌ كلما جَنّهُ الدّجى
يشقّ بها ستر الدجى ويمزّعُ

يُصَعّها مطلوقَةً مستطيرَةً
مُدفّعَةً بابَ السموات تقرعُ

إِذا ما أراد الأكلَ فالدمعً مأكلٌ
وإن هوَ شاءَ النوم فالقبرُ مضجعُ

ويا ساكني أرض الصفاء أما لكم
حنوٌّ على أهل القبور ومنزعُ

عهدتُ لكم من عهد آدم أنفُساً
إِذا ما دجا ليلُ المصائب تسطعُ

فما لي أراكم مغمضات عيونكم
عليها من السلوان للأهل برقعُ

تبرَّعتمُ بالقول دهراً فيا ترى
أما حان وقتٌ فيه يبدو التبرّعُ

فما تنفَعُ الصيحاتُ من كُلِّ جانبٍ
ولا شيء إِلاّ المال يا قوم ينفَعُ