ووجهي كان في السنوات - طلعت سقيرق

سأمضي مثلما المطرُ
ولا أرتد عن عينيكِ
حين تشدني الصورُ
فبلغ كل من مروا
وبلغ كل من عبروا
ومن شدتهم الأشواق فانهمروا ..
وبلغ كل من وصلوا إلى دمهمْ ..
بأني دائماً أمضي إلى تفاحيَ الأحمرْ
إلى ظلي
إلى منديلِ عاشقةٍ
يداها زعترٌ .. زعترْ
سأرمي جسميَ المبتل بالأشواقِ
أعصرهُ ..
على الكفين برقوقاً
وشمساً للهوى الأخضرْ
أنا قد جئت من يدها إلى يدها
لأشعلَ في دروبِ الحب أغنيتي
وموالي
لأشعل نغمة العشاق قافيةً
وأتبع كل من شدوا
إليها الخطوَ واشتدوا
وأتبع كل من رحلوا
لفيض دمائهم وصلوا
وأتبع من يوزعني
على أبوابها .. مطراً ..
ويصرخ في شوارعها
أتى العشاق يا حيفا ..
إليك إليك قد عبروا ..
* * *
يفاجئني على دربِ الهوى دربي
وينثرني على الطرقات موالاً
ودبكة عاشقٍ يمضي
إلى جذر يمدُّ ..
يمدني عبقاً
فأمسك أول التاريخ في كفي
أرى وجهاً ..
ينام على ذراع الأرض يحضنها
أرى ألقاً ..
وأولُ نبتةٍ نامت على زند الهوى
وجهي ..
وأولُ نغمة شدتْ
ضلوعَ الأرض وامتدَّتْ
وسيجتِ الندى وجهي ..
ووجهي يعبر السنوات
* * *
فوق الزهر .. في الأشجارِ
في المدن التي راحت تلمُّ ملامحي ..
تمضي ..
وفي الماء الذي يخضرُّ
في جذر الزنود السمرِ ..
في الأحجارِ
كيف أغيب عن وجهي
جذوري .. قامتي .. أرضي ..
وتاريخي ..
فبلغ كل من عبروا ..
ومن مروا إلى دنيا ملامحهم
ومن دخلوا ضلوع الشمس
من وجدوا قصائدهم
وقاماتٍ لهم بقيتْ
على الأشجار .. في الأشجار .. تنتظرُ
بأنَّ دمي سياجُ الحب
حين الأرض فوق الضلع
والكفين تنتشر ..
* * *
لك الحبق
وحيفا من جنون الشوق
يسبق خطوها العبق
تنام إذا الصباح نأى
وكل زمانها فلق
إذا ما جاءها الشهداء
تحضنهمْ
وتصرخ منكم الألق
إلى دمكم
تسير وتركض الطرق
لكِ الحبقُ
سنرجع لن نرد الخطو عن درب مشيناهُ
سنرجع للبلاد غداً .. إلى وطن حملناهُ
إلى دنيا ملامحنا ..
إلى معنى توهجنا ..
سنرجع شمسنا اقتربتْ
وحيفا ترقب الطرقات ..
لن نرتد .. واقتربتْ
تلاحمت الزنود دنتْ
وحيفا ترقب الطرقات
عودتنا هنا اشتعلتْ
وحيفا ترقب الطرقات
يزهر ثوبها الأخضرْ ..
تشد القلب والخطوات
تصرخ .. إنهمْ عادوا ..
مع الطلقات قد عادوا
مع البرقوق قد عادوا
لطرحة عرسهم عادوا ..
لموال الجذور السمر قد عادوا
وحيفا لا تنام الآن
خطوتهم على الأبواب قد عادوا
وعادوا للجذور السمر
قد عادوا ..