الكَلِمَـــاتُ الَخْضــرَاءُ - عادل البعيني

في أُمْسِيةِ الــلْيـلِ الأخْضَرْ،
تتفَّتحُ كُـلُّ الأزْهـارِ،
كـلُّ الكَلِمَـاتِ الورديَّةْ.
تـَنْمُـو، تـَسْــمُـو،
تـَبْنـي بــيْتاً
حُبــًّـا شِعــراً
ورَغيـفَ
رَجَــاءْ.
وتــَعيشُ تعيشُ الكِلْمَاتْ.
أبـداً تــَحْبُـو ، تَكْــبُــرْ،
في الـحَقْــلةِ تَـكْــبُرُ في الـمَصْنـَعْ.
تـُمْسـي رَعْـداً حُبًّا، يَلْمَـعْ.
في ظُلْمـةِ هـذا الليَـلْ.
فـَـوْقَ الآمـالِ الورْديَّــةْ.
فَـتُضيءُ عُيُـونَ الأطْفالِ
لـُـقْمَــهْ، قَــطْـرَهْ،
لـُـعْبَـهْ ، رَوْضَــهْ.
في أمسـيةِ الليـلِ الأسودْ.
سوداءٌ كلُّ الألوانِ
قـَـوْسُ القُــزَحِ ... أَسْــوَدْ.
لـــوْنُ الدَّمِّ ... أسْـوَدْ.
تَــتَلاشـَى في الأفُـقِ الكلِْمَـةْ.
ويضيـعُ الـحَـرْفُ، يتيـهُ المـعْنَى.
حيْثُ الـحَدقاتُ الوحْشِيَّةْ.
قَــــيـدٌ أقْــسَـى للحُــريّـةْ.
للــثَّغْـرِ الصَّادِحِ وَ السَّطْـر.ِ
وَتـضِيعُ مَعَ الأفُقِ الْـكَلِمَـةْ،
و تُكَـمُّ ... تُكَـمُّ الأفواهُ،
تــَتـَماوجُ كــلُّ الشطآنِ
عرقــاً شـرَرًا.
تَـــتَـراكَــمُ دائرةً، وضَــبَابْ،
جـُـوعاً و أَنِيْــنْ.
لــونُ الشَّــوْقِ الأسـودْ.
يـَـغْــدو فَــحْـمـاً،
يتراكمُ أضْـواءً وَ حَنيْنْ،
وَ يـَصِــيُر ضـباباً
كونِــيًّـا.
بـَـيْنَ الـحَـرْفِ .. وبــيْنَ المعْنَى،
يحجُـبُ عن مرآةِ العالَــمْ،
كـلَّ الكَلِماتِ الـوَرْدِيَّةْ.
في أمْسِيَةِ الليلِ الأخْضَـرْ.
في أمْسِـية الــلــيْلِ الأسْـوَدْ.
يـَـخْـتَـرِقُ الصَّحْراءَ الـجَدْوَل،ْ
رَغْـمَ الـجَمْـرِ،
رَغْـمَ الــحِقْدِ،
يـَـمْشِي يـَمْشِي فِيْــنا الـجَدْول.
رَغْـمَ الـجَمْرِ يـَسيرُ و يَـكْبُرْ.
رُفَــقَـاءُ الدَّرْبِ ..تُــواكبُــهُ،
و تُـزيلُ جِــراحــًا ضَــوْئيَّـهْ،
كلَّ الـحَدقاتِ الـوحْشِيَّةْ،
كلَّ الأشــواكِ الهمجيّــهْ،
ويـَـسيرُ الـجَدولُ منطلقاً
يمشي يـَـكْبُرْ
والـمــَــدُّ يجيءُ يَــضِيءُ الـمَـدْ
مِنْ كلِّ جِهَاتٍ مَـــدْ
في كُــلِّ مَكَــانٍ مَــدْ
مَــدٌّ مَـــدُّ
والجدولُ يَـكْبُرْ يَمْتَــدُّ
ماذا سَيَصيـرُ الـجَدْوَلْ ؟؟
عِنْـدما يـَـكْبـُرْ!!
وسـِّعْ مَـجْراكَ أَيـَـا جَدْولْ
من دَمْــعـِي
مِنْ دفْءِ القَــلْـبِ
من لـونِ الـحَـرْفِ
لـَئِنْ أَزْبَــدْ.
وَسِّـعْ مَـجْـراكَ أَيـَــا جَدْول،
فالأشــرِعَةُ الحُبْـلى،
تمتَــدُّ بكـلِّ الشُّطآن،ِ
تتجمَّـع في الجَبَهات،ِ
وتحتَ ظِــلالِ البؤْسِ تدُورْ.
تـَـغْــدو سنبُلةً لــعْبةْ.
حرفـاً وَ كِتـابْ.
ورداً ورَبـِـيـعْ.
وسّـعْ مَجْراك أيــا جدْولْ.
ذوِّبْ قَيْـدي،
واجْـرُفْ مِنْ دَرْبِ الـحُرِّيــَّـةْ.
كلَّ الـحَدقـاتِ الـمُتجِـهَةْ،
نحو الـكَلِـماتِ الورْديةْ.
قد صـارَ الجَـدْولُ نـَـهْـراً،
صـارَ الحـبُّ ضيــاءْ.
عـاد الحـرُّ طَليــقًا مُــنْتصــرا.
فَتَهَاوَتْ أقــنِعـةٌ، وانفكَّ لـِـــثامْ،
وَهَـوَتْ في وحْـلِ الـمُسْتـنْقَعْ،
حشراتُ الـحِقدِ الدَّمَــويهْ.
وتَـلاشى عَلى الصَّخْرِ الزَّبــَدُ،
وتَســَيَّدنا المــدُّ.
وانـْـبَــثَــقَـتْ شَـمْسٌ وَهَـــوِيَّــةْ.
إمْــتَــدَّ النهـرُ، فَصَـارَ بحارا.
وعلى أضْـواءِ مَــنارَتـِها،
جاءَتـْها مَـواكِـبُ شَّعْبيةْ.
كلُّ الأزْهـارِ القُزَحِيةْ.
تنمـُـــو ..تصْحُــو.. تتفجَّـر
بــرْكانــاً لـَـهَبـاً،
حِـَمماً ومَساكِنْ.
تـَـرْسُمُ مِنْ أَلْـــوانِ النَّـصْرِ،
وَجْــهاً آخـرَ للحُرِّيـةْ ؟؟
وَجْــهاً أَجْـمَــلْ
للحُـريةْ؟؟
***
السويداء أيـار / 1980