مأساة الميناء - بدر شاكر السياب

سل الميناء لو سمع الخطابا
فروي غلة الصادي جوابا

و ابطال ( النقابة ) كيف باتوا
يذوقون المذلة و العذابا

أذنب أن يقال لنا حقوق
أبي أصحابهن لها اغتصابا

و عدل أن تجرع كل حر
يد المستعمرين قذى و صابا

حلال لابن ( لندن ) في حمانا
دم ابن الرافدين فلا عتبا

وجور أن نمد يدا إليه
و حق أن يمد لنا حرابا

جموع الكادحين و جمعتنا
مصائب ست أدركها حسابا

و حقد إن ذممت سواه حقدا
فلا ألقاه إلا مستطابا

على المستعمرين بصب نارا
و أبناء الثراء لظى مذابا

و رثناه الأبوة و هو باق
سنورثه البنين منى عذابا

و دنيا لا يغيب العدل عنها
إذا هو عن سواها كان غابا

بربك حدثيني أي جان
تصيد منك أبناء نجابا

و أمسى منك دون حمى أمين
تحد جنوده ظفرا و نابا

أطل على النقابة منه طرف
مغيظ كاد يلتهب التهابا

و أزجى مثقلين بنافثات
لهيب النار يحملن الحرابا

يذيقون المهانة كل حر
دعاه هوى النقابة فاستجابا

و ما غير المطارق من سلاح
و قد كرمت إلى الحق انتسابا

لك الفخر المخلد من جيوش
على الجمع القليل تجوز بابا

وصانك من عدوك ( مستشار )
و حسبك أن غدوت له ذنابى

رضاه بأن تريعي كل دار
تضم الكادحين و قد أصابا

فما كالكادحين له عدو
إذا استرضاه مرتزق و حابى

أبالأغلال يخنق صوت شعب
تهزأ بالحمام لقد تغابى

دع الآفاق تزخر بالضحايا
و سمع الريح يمتليء انتحابا

و غذ بنا السجون و من دمانا
فرو البيد أو فاسق السرابا

فيا غير الجلاء لك انتهاء
فإن الشعب قد هتك الحجابا

و ألوى بالطغاة فما توانى
و بالمستعمرين فما أنابا

جموع الكادحين و جل عارا
رضانا بالهوان وخس عابا

دعاك إلى النضال شقاء شعب
تحمل من مذلته الصعابا

خذي يالثأر خصمك لا تليني
وجدي غير قاصرة طلابا

و سار لك الغد الزاهي فسيري
وزيدي من محياه اقترابا

و أصمي في جوانح كل طاغ
فؤادا كان للشر استجابا

يكاد الظامئون من الضحايا
يصيحون اجعلي دمه شرابا

تطل عليك أحداق العذارى
من الأكفان حانقة غضابا

دم الأعراض عاد بها اصفرارا
و عاد على يد الجاني خضابا

و أجسام الطغاة حجين عنا
ضياء لا نريد له احتجابا

ستنصب الأشعة من خروق
رصاص الشعب زاذ بها انصبابا

لك الغد و الحياة و للأعادي
معاول تحفرين بها الترابا

فصيحي ( بالحليف إليك عنا
فلا حلفا نريد و لا انتدابا