ولادة حلم - عادل البعيني

إلى مَتى يا أرْزُ يا صنَوْبرُ
أبقَى وَحِيدًا ها هُنا أَنْتَظِرُ

إلى مَتى والقَلْبُ يرْنُو راجيًا
نُسَيْمَةً عشْتُ لَها أُفكرُ

فالْوَشْوَشاتُ أنبتَتْ في شرْفَتي،
رعَيْتُها، فكانَ منْها المُثمرُ

سَقَيْتُها مِن ماءِ عيْني بَلْسمًا،
فجاءَ مِنْها أَبيَضٌ و أَحْمَرُ

صمْتاً أتتْ أَمِيرتي بِدلِّها
غمَّازةُ العينيِن تَرْنو تخفرُ

جنّاتُ عدْنٍ قدْ تَغَنَّتْ فيهما،
فَخُضرةٌ وحُمْرةٌ وعَنْبرُ

لاقيْتُها بلهْفَةٍ مَحْمومَةٍ
واشْتَقْتُها والشّوقُ كَيْفَ يَصْبِر

أَحْببْتَها إذْ ما شَمَمْتُ عِطْرهَا
عشقْتُ فيها كُلَّها لا أُنكِرُ

داعبتُها عبَبْتُ مِن أعْطافِها
لثَمْتُ عَرْفَ الوردِ أَوْ لا أَذْكرُ

ما أذكر أني وَقَدْ هِمْتُ بِها
سَكِرْتُ، أو رأيْتُ شَيْئاً يُسكِرُ

فطرفُها أسطورةٌ إذْ قَلَّما
في الحُلْمِ تَلْقَى مِثْلَها بَلْ يَندُرُ

كَسِحْرِ عَيْنَيها الذي ألْفَيْتُه
بَحْرًا يَمُوج من شذًا ويجزرُ

فَمَبْسمٌ يَجْلُو بِسِحْرٍ عابِقٍ
كَباقَةٍ أنْغامُها تُزهِّرُ

حديثُها قيثارةٌ وديعةٌ
يبثُّهُ دُرٌ نضِيدٌ مَرْمَرُ

زقَّ الوِشَاحُ عَنْ لُجيْنٍ ساحِرٍ
فَلاحَ لي فَجْرٌ بَهِيٌّ مُبهرُ

و قد غَفَا زوجٌ مِنَ الْ " تخَيَّلوا"
حَمامةً تفّاحةً تخيَّروا

حَلْماتُها زَبِيبةٌ مشويّةٌ
هالاتُها كَدرَّةٍ تُنَوِّرُ

فاجَأْتُهُمْ بِنَظْرَةٍ تَوَشْوَشُوا
مَسَسْتَهُمْ بِرقَّةٍ تَكَوّروا

أعطافها أرقُّ مِنْ ريحِ الصَّبا
إنْ مسّها طيفٌ شفيفٌ تُذْعَرُ

وثوبُها تخَالُهُ مُنَمْنَمًا
قَصِيدةً أَوْزانُها تُحَيِّر

لامستُهُ فَظَنَنْتُ أنّي لامِسٌ
حُلمًا نديّاً رُمتُهُ تَصَوَّرُوا

وعِقدُها يتيهُ في حضنٍ له
صِنوانِ مِنْ دُرٍّ فأَيُّ الجوهَرُ

ميعادُنا عندَ الأصيلِ هلْ تُرَى
يغارُ مِنها إذ يَراها تَعْبر

ميعادُنا ورِعْشة ٌ مَقرورةٌ
و جَبهةٌ مَثلُوجةٌ تصَرْصِرُ

أنلتقي و مفْصَلي مرْتجِفٌ
منْ لهفَةٍ أكادُ منها أُفْطَرُ

أَ نلتَقي و تشْتفِي أرواحُنا
وَتنْجلي جذْوَاتُ حُبٍّ يُسْكرُ

هذي يدِي ولْتَخْسِفِ الدُّنْيا بِنا
لا تخْجَلي في الحبِّ ما قدْ يَعْذرُ

سيشرقُ الشَّوقُ الذي عشنا له
ويُولدُ الحُلْمُ الذي نَنْتَظرُ

*

السويداء/ 22/ نيسان 1999