ربيع لبنان - عادل البعيني

الوردُ يَضْحَكُ و الأطيارُ تَبْتَسمُ
والنَّوْرُ عِقدٌ على الأعناقِ مرتسِمُ

نَيْسانُ أقبلَ يحْدُونا بهِ أَمَلٌ
قد أيقظَ الحُلمَ ما أَحْلاك يا حُلُمُ

رَبِيعُ لُبْنانَ قدْ هلَّ بطَلْعَتِهِ
يكسو الجَمالَ جَمالاً ما بِهِ سَقَمُ

يا روضةً سَكِرَتْ مِنْ خَمْرِها مُقَلٌ
أَغْضَيْتُ طَرْفي وظَنّي أَنَّني وَهِمُ

حتّى تَقرَّيْتُ حُسْنَ الرَّبْعِ في دَلَهٍ
عِطْرٌ شذيٌّ نقيٌّ عابقٌ زَخِمُ

لَقَدْ كسَوْتَ عرَى الأَفْنانِ مِنْ قُزَحٍ
صفرٌ وخضرٌ وطوراً أحْمرٌ بَسِمُ

هَلْ مَا أرى طَلَلٌ أمْ أنه حُلُمٌ
أم جَنَّةٌ منْ جِنانِ الُخْلدِ تضْطَرِ مُ

فأقْحُوانٌ كنجمٍ ساطِعٍ ألقٍ
سَخا بِحُسْنٍ فكادَ الُحْسنُ ينْحَطِمُ

وأرجوانٌ كعَرفِ الديكِ تَحْسَبهُ
شَمسَ الأصيلِ شَجاها الشوقُ والنَّدمُ

وجدولٌ قَلِقٌ تلْقاهُ مُضْطَرِباً
طوراً وطَوْراً يُرى في صمتِهِ الشَّمَمُ

و ماءُ عيْنٍ لُجَيْنُ الزهرِ يَحسُدُها
كأنها دُرَرٌ حلّتْ بها ديَمُ

عينٌ تفجّر كالطّوفانِ منبعُها
في غورِها الدِّفْءُ أمَّا ماؤُها شَبِِمُ

لمَّا نظرْتُ إلى لبنانَ في دَهَشٍ
أيقنْتُ أنَّ الجَمالَ فيه يعتصمُ

جبالُهُ الخُضْرُ تاهتْ نفسُها عَجَباً
لا عُرْيَ إلا لِثَلْجٍ عرشُهُ القِمَمُ

ففي رياضِهِ عرْفُ الوَرْدِ مُغْتَسِلٌ
ومستَحِمٌ بماءِ عطْرِه العَنَم

بيْروتُ خلدٌ وعينُ الله تَحرسُها
كأنها عَبَقٌ جادَتْ بهِ نسُمُ

تَشْتاقُها النفسُ و الآمالُ في لهفٍ
والقلبُ تَلْقاهُ إِنْ لمْ يَلْقَها عَدَمُ

***

قبيع / لبنان / 1993