ماذا نعيت إليَّ من أحواله - وديع عقل

ماذا نعيت إليَّ من أحواله
يا أيها الباكي على استقلاله

إن الذي أجرى على لبنان من
فردوسه الأعلى اخص جماله

أعطاه ما تهن الدواهي دونه
وحباه ما لا مطمعٌ بزواله

نعم رواسخُ في رواسيه فلا
تنهار إلا بانهيار جباله

فانظر إليه كيف شق قميصه
البلور منفجراً على سرباله

وانزل عليه خالعاً ثوب الضنى
ما بين ضال المنحنى وضلاله

واخلع نعالك قبل دوس ترابه
فتراب لبنانٍ رفاتُ رجاله

وتلمس البركات من غاباته
المتراميات على ثرى اجياله

روحي فدى الجبل الذي لا ارتضي
ان يدفنوا عظمي بغير ظلاله

لأظل يلمسني بليل نسيمه
وأبيت يؤنسني خرير زلاله

وطنٌ قنعت به ولو عبث الردى
بأسوده وقضى على اشباله

احببته ودياره مأنوسةٌ
واحبه في وحشة من آله

وإذا عفت منه الديار فلا أرى
مغنىً أحب إليّ من اطلاله

او خيروني في الجنان لانكرت
نفسي عليَّ رضاي باستبداله

لا كوثر الفردوس اطيب منهلاً
من ورده واعزُّ من شلاله

أفما ترى انفاسه قدسيةً
تلوي بعمر الشيخ عن آجاله

فإذا سرت من شرقه نفحاتها
عبق الشذا بجنوبه وشماله

وإذا بكت أسحاره نضحت لنا
اغصانه درراً على آصاله

قسماً به لولا اتقاء مسيحه
لأبيت ان اجثو لغير جلاله

فاجزت ما اعتقد المجوس عقيدةً
وعبدت مطلع شمسه وهلاله

أما القطين فلا تسل عنه سوى
ريب الزمان بحبك عن احواله

فالعاديات تصرفت بشؤونه ومضت ببهجة عيشه وبماله

من لم تمكن من نواصيه يد ال
تركي جرته النوى بقذاله

ثم انجلت تلك الخطوب فلم يكن
ماضيه ادعى للأسى من حاله

قد أوحشوه من بقية اهله
اما الأُلى فيه فغير عياله

من مبلغ باريس ان صديقها
متربصٌ ابداً على آماله

يزجي الرجاء مغلفاً بنسيمه
حرصاً عليه من اذى عذاله

ولقد يغالطها بمظهر نافر
ولقد يعاتبها عتاب الواله

ردي إلى يده زمام اموره
باريس تلك حقيقة استقلاله