يا حاسباً دنياكَ دَارَ قرارِ - وردة اليازجي

يا حاسباً دنياكَ دَارَ قرارِ
أَقصِر عناك فتلك أخبثُ دارِ

لا تستقرُّ بها النفوسُ ولا ترى
قلباً بلا غمٍّ ولا اكدارِ

دنيا غرورٍ كلَّما طالَ المدى
طالَ الغرورُ بمكرها الغرَّارِ

غَدَرَت بحبرٍ كان في كرسيّهِ
راعي الرُّعاةِ وسيّدَ الأحبارِ

يا أيُّها الحبرُ الجليلُ مقامُهُ
هل بعدَ فقدِك غيرُ دمعٍ جارِ

لله يومُكَ في الأَنامِ فإنَّهُ
أَبقى لنا حزناً مدى الأدهارِ

يا بدرَ تمٍّ غابَ عنا في الثرى
ما كانَ ذلك عادة الأقمارِ

حَسَدَتهُ أفلاكُ العُلَى وتحسَّرت
لو أنهُ في طيِّها مُتَوارِ

قد كاد حزنُكَ يصدعُ الصخر الذي
قد كانَ منك يَلينُ بالإنذارِ

ويلاهُ من أبقيتَ بعدكَ راعياً
يرعى الرعيَّة حيثُ يُرضِي الباري

مَن للمَنابرِ والهياكلِ والحِجَى
والمشكلاتِ وغامض الأسرارِ

لا بدعَ إن بَكَتِ العيون عليك من
أَسَفٍ وفَاضَت بالدم المدرارِ

فَلَقَد بَكَتك كنائسٌ أنشأتها
في أَبعَدِ الأَمصارِ والأقطارِ

فَعَلَى ثراك تحيَّةٌ نَفَحَت بأَر
واحِ الخزامِ واطيبِ الأَزهارِ

وأجادَ مضجعكَ الندآءُ مكلّلاً
صَفَحاتهِ البيضآء في الأَسحارِ

قد سرتَ عن دارِ الفنآءِ مجاوراً
دار البقآءِ فنلتَ خيرَ جوارِ

ما كان حظكَ في النعيم مؤَرَّخاً
الاَّ مراحمَ ربِّكَ الغفَّارِ