يا عينَ وردةَ في الأسحار والأُصُلِ - وردة اليازجي

يا عينَ وردةَ في الأسحار والأُصُلِ
أبكي لفقد حبيبٍ عنك مرتحلِ

ويا فؤَادي تفتَّت بعد مصرعهِ
فإن سيف المنايا سابقُ العَذَل

ويا سلوُّ ابتعد عن مهجتي أبداً
ويا دموع انزلي كالعارض الهَطِلِ

ويا حمائِمُ نوحي واندبيهِ معي
وغرّدي بالأَسَى والحزن لا الجَذَلِ

غاب الحبيبُ حبيب الروح عن حِلَلٍ
باتت لفرقتهِ في أسوَد الحُلَلِ

ويحي من البين إن البين جارحُنا
بأَسهُمٍ لم نَزَل منها على وَجَلِ

ويحي من البين كم أجرى مدامعنا
بما جنى من أَليم الفتك والغِيَل

ويحي من البين كم يرمي القلوب فلا
يُخطِي كأَنَّ يديهِ من بني ثُعَلِ

رمى الحبيب بسهمٍ قد أُصيبَ بهِ
فبات منطرحاً كالشارب الثَمِلِ

روحي فدى ذلك القدِّ الذي قصفت
منهُ المنايا قواماً كان كالأَسَلِ

روحي فدَى ذلك الوجه الذي كَسَفَت
جمالهُ حادثات الدهر والعِلَلِ

روحي فدى من بقلبي ذكرهُ أبداً
وشخصهُ من أمام العين لم يَحُلِ

يا فارسُ اليومَ أَبشِر قد أتاك على
قربٍ حبيبٌ فلا تشكو من المَللِ

بدران أظلمت الآفاق بعدهما
في مقلتيَّ وضاقت بالأسى سُبُليِ

قد كدَّرت غِيَرُ الأَيَّام مَورِدَنا
وبدّل الدهر مانرجوهُ من أمَلِ

كنا نرجّي بهِ الأفراح فانقلبت
أفراحنا مأتماً أوَّاهُ من بَدَلِ

يا من مضى وفؤَادي قد مضى مَعَهُ
هل عودةٌ يا ترى تُرجَى لمرتحل

وهل تعود أُوَيقاتٌ لنا سَبَقَت
وهل ترى كليالي أُنسنا الأُوَلِ

إن كان قلبك بالأفراح مشتغلاً
فإن قلبي عن الأفراح في شُغُلِ

أو كنتَ قد نمَت نوم الدهر واأسفي
فعندنا النوم لا يأوي إلى المُقَلِ

لا أَخمد الله ناراً في الحشا اشتعلت
مني ولا نشفت عيني من البَلَلِ

ولا عرفتُ سلوًّا في لحياةِ إلى
أن أَلتقي بك في مستقبل الأَجَلِ

لله ما ضمَّ ذاك القبر من كَرمٍَ
ومن جَمالٍ ومن علمٍ ومن عَمَلِ

ومن مناهل لطفٍ راق مورِدُها
ومن محاسن خُلقٍ غير مُنتَحلِ

ويا سقى لاله ذاك القبرَ مرحمةً
تجودهُ من سمآء الواحد الاَزَلي

ولا تزَل فوقهُ الأزهارُ نابتةً
بوابلٍ من عيون السُحب منهمِل