محنة العراق - راشد الزبير السنوسي

يظل يحاصرني حزنه و حرقته كلما قد كتبتْ
ويؤلمني أنه مفردٌ يصارع حقداً ويطويه صمتْ
يظل بكل الشرايين نبضاً يزلزل صدريَ في كل وقتْ
ويَجْبَه غطرسة المعتدين بكل عنادٍ ويجـتث مقتْ
****
لماذا يصرّون أن يهزموه وأن يخنقوه بهذا الحـصارْ
وتسعى الجنادب محمومة بأحقادها كي تشق الجـدارْ
لماذا على النخل أن ينحني خضوعاً ويخفرذاك الجوارْ
ليوقـف دجـلة ترحالـه وتذوي الحياة بتلك الديـارْ
****
مصيبتهم أنـهم دائماً إذا قـدّروا يـخطئون الحسـابْ
ولا يدركون لإجرامهم بأن لـدى الغـير فصل الخـطابْ
فبغـداد لو ضربت مرةً فبالعزم سوف تعـيد الخـضابْ
وتطلـع فجـراً يخـافونه تناسـل بين حطـام القبـابْ
****
يؤذن في (الكرخ) مستنهضاً فتصحو (الرصافة) و(الأعظميةْ)
ويعلو المثنى على جرحـه يقـود الجموع إلى القادسيةْ
فهذا العـراق ولمّـا تـزل بأعماقـه للسـيوف بقيـةْ
سيرفض أن يشـتري عيشه بترك حمـاه لديـهم سبيةْ
****
يصـارع زحف الغزاة بصبرٍ على ضفتيه وما من سـندْ
ولم يلقَ عوناً سوى هـادرٍ يِؤخـررجـلاً وما مـدّ يـَدْ
كأن لم تكـن حـوله أكبـد سقاها نـداه بما قـد أعـدْ
فتعساً لمن ينكرون الجميل إذا طلـب العون منهم أحـدْ
****
ويا دجـلة الخير لو أنّ لي جنـاحاً لطـرت إليكم مـددْ
يـؤرقني أن أرى نـزفـكم ومَنْ حولكم كرمادٍ خمـدْ
يهدّد جند الصليب العـراقَ ونحن نبـارك يوم الأحـدْ
وتبدو الحـراب بأحقـادها مصوّبةً نحـو ذاك الجسـدْ
وفيه طهارة جـرح الحسـين وثأر الإمام وطهر البـلدْ
فيا منْ تذيبون أكبـادكـم بكـأس و تفتقـدون الرشَـدْ
أفيـقوا ـ لعِنتم ـ ولو مرةً وصبوا العزائمَ جمراً يقـدْ
وإلاّ فطوفان نـوحٍ سيـأتي عليـكم ليصبح نعْـمَ القَوَدْ