الجلاء - راشد الزبير السنوسي

مرحى فقد عز هذا اليوم و انتصرا
وعانق الشعب في أفراحه القدرا

تبلجت فيه للرائين أمنيةٌ
كانت خيالاً .. وهذا صبحها ظَهَرا

يوم الجلاء حبيبٌ عاش غربته
وحلمه الأهل ..إن ناجى وإن نظرا

تقاسمته العوادي و هي موقنةٌ
بأنه من ضنىً يذوي و إن جأرا

وأنها أحكمت من حوله سدلاً
تسد عن ناظريه الشمس والقمرا

لكنه ظل في أعماقه جلَدٌ
يقاوم اليأس و التضليل و الخورا

ويرسم الفجر للأجيال في بلد
قاد الجهاد ، وأعطى فوق ما قدرا

فمرحبًا أيها الميمون طالعه
في صبحك الشمس تهدي النصر و الظفرا

كأنها وهي تعلو الأفق من فرح
روح الضحايا تغشي دربنا زهرا

هَبَّوا من الخلد أرواحًا مباركةً
يقبّلون ثرىً يا طالما استعرا

أيامَ رام العدا إذلالنا فأبت
تلك الجباه بأن تعنو لهم كبرا

واستمسك الشعب بالقرآن معتصمًا
في وجه من خانه الإيمان فائتمرا

وكانت الروح أدنى ما يجود به
حرٌّ وأيسر ما يعطيه مفتخرا

وغاية الجود بذل الروح راضيةً
وتلك آثارنا أعظمْ بها سيرا

يوم الجلاء وإذ نلقاك في فرح
نلقى بك العتق من غل قد انكسرا

فيوم لقياك عيدٌ لن نبدده
مواكبًا تحمل الأعلام والصورا

وهاتفين للاَشيء حناجرهم
تضيع طاقاتها في سيرهم هدرا

حيث المواويل ما تنفك هائمةً
هزوا الدفوف لها واستطربوا وترا

فانظر عزائمنا ماذا صنعن بها
تلك الليالي لكَم أغرقننا خدرا

وحلمنا أن نرى الأعياد منطلقًا
كي تصنع الغد، لا أن تحيي السمرا

نريد تحقيق غايات تقر بها
روح الذي جاد كي نحيى ومن نذرا

نريد أن يشعر الأعداء أنّ لنا
عزمًا إذا هب فر الليل وانذعرا

نريد أن تخفت الأبواق تاركةً
للحق دربًا عَلاه الزيف فاعتكرا

يوم الجلاء وفي لقياك فرحتنا
فأنت غاية من ضحّي ومن صبرا

هناك في ضفة الأردن آصرة
تشكو الونى ، وخلافٌ لاهبٌ شجرا

هب الأشقاء يستفتون قاتلهم
فأرخص الود و القربى بما بذرا

و إصبع الشر ذرّت كي تفرقهم
روحًا لحا الله من يقضي بها وطرا

هذا الخلاف نذيرٌ ليس يجهله
ذوو البصيرة إّذ يا طالما انفجرا

يصدع الجبهة المأمول وقفتها
ويشرخ الصرح والآمال والفكرا

وهي التي نضجت في الهول واتخذت
من ضفة النهر سدا يدرأ الخطر

ويجمع الشعب في الجُلَّى على هدف
قد ضاع ما بين رأي شب أو فترا

حب الزعامات قد أودى بقوتها
وصار كل على ليلى إذا سكرا

يا قومنا قد كفى الأخبار ما هدرت
فكلنا بالذي تلقيه قد كفرا

حرب عوان بها المذياع منطلقٌ
وفي الحقيقة لا نلقى لها أثرا

والشعب حيران لا يدري متى غده
فأمسه ضائع، والصبح ما ظهرا

والعيد لن يغمر الأرجاء مبتهجًا
إلا إذا انهد صرح الظلم وانحدرا

عيد الجلاء ..وأنت اليوم منطلقٌ
للمجهدين ومن قد أُرهقوا قترا

هناك دينٌ علينا أن نوفيه
إن ذا تهرب أو هذا قد اعتذرا

والعيد ما لم تعد للقدس حرمتها
يبقى كئيبًا .. سواء حل أو عبرا

فامسح بعزمك آلامًا ينوء بها
جهد الأشقاء واشمخ .. صرت مقتدرا