كلمات إليها - راشد الزبير السنوسي

كنتُ ما زلتُ بأحلامي الحميماتِ حفيّا
يوم قد همتُ مع الشعر وعانقتُ الثريّا
عندها أمّلتُ أن نمضي خطى العمر سويّا
وأزور الطيرَ في الأوكار صبحاً وعشيّا
وأضمّ الوردَ أبقاه الندى غضّاً طريّا
وأعبّ الكأسَ لا أُبقي لمن يشتاق شيّا
وسبتْني الأعينُ النُّجْل وأوهتْ جانحيّا
حيث حوّمتُ على أفق بدا روضاً عفيّا
ناثراً شعري مع الأنسام كالغيث شهيّا
وتوالتْ سنواتُ العمر يا حلوَ المحيّا
كنتُ ألقى كنفاً يملؤني عطفاً وريّا
كم تبادلنا حديثاً عاصفاً أو عفويّا
وعتاباً صامتاً يأخذ مني شفتيّا
ثم لا يُبقي سوى الودِّ بعمق القلب حيّا
واحتملتِ الصادحَ الجوّاب منهوماً شقيّا
فهو في الصبح مشوقٌ وإذا أمسى خليّا
كنتِ قلباً قدّس الحرفَ وإيثاراً نقيّا
لم تكوني القيدَ والسجّان والسورَ العصيّا
بل فضاءٌ صار للمبدع حلماً أبديّا
قلتِِ لي إنكَ كالطائرِ قد تمضي قصيّا
تذرع الآفاقَ أو تشدو على غصنٍ مليّا
وتُناجي ها هنا أو ها هنا وجهاً بهيّا
طِرْ كما شئتَ وحلّقْ واملأِ الأفقَ دويّا
فأنا الوكرُ الذي يمنحكَ العيشَ هنيّا
فلئن صغتكِ أبياتاً وحلماً شاعريا
واصطفاكِ الشعرُ نبعاً دائمَ البذل سخيّا
ومشى ذكركِ في الآفاق كاللحن شجيّا
فلقد كنتِ سنا الحرفِ الذي هزَّ يديّا