نَزِيفُ القَهْر - صلاح الدين الغزال

أَنَا المَقْتُولُ مُذْ عِشْرِينَ عَاما
أَسِيرَ البُؤْسِ مَسْلُوباً مُضَاما

بِلاَ أَمَلٍ أَسِيرُ وَنَزْفُ نَفْسِي
عَلَى جُرْحِي بَدَا يَطْوِي السَّقَامَا

أُقَاسِي فَاقَةً هَدَّتْ كَيَانِي
وَنَحْساً لاَ يُفَارِقُنِي لُمَاما

جُيُوشُ البُعْدِ تَجْتَاحُ اقْتِرَابِي
وَهَوْلُ العُسْرِ أَلْقَانِي حُطَاما

(أَجَاعُونِي وَأَيُّ فَتَىً أَجَاعُوا)
وَأَسْقَوْنِي الرَّدَى سُمّاً زُؤَاما

وَظَنُّوا أَنَّ جُوعِي سَوْفَ يُلْقِي
بِسَيْفِي فِي الوَغَى رَغْمِي سَلاَما

فَلَمْ أَزْدَدْ سِوَى عَزْمٍ وَخَاضَتْ
حُرُوبِي مُهْجَةٌ تَرْعَى الذِّمَامَا

خِدَاعاً قِيلَ كُرَّ وَأَنْتَ حُرٌّ
وَبَعْدَ النَّصْرِ دَاسُونِي انْتِقَاما

لَقَدْ نَكَثَ الأُلَى قَدْ عَاهَدُونِي
بِبَابِ الغَدْرِ مُذْ عِشْرِينَ عَاما

عُقُودٌ أَرْبَعٌ مَرَّتْ وَرُوحِي
بِرَغْمِ المَوْتِ لَمْ تُلْقِ الحُسَامَا

أَرَى عَرْقُوبَ رَمْزَ الشُّحِّ أَضْحَى
عَلَى الأَنْقَاضِ لِلْمَوْتَى إِمَاما

لَقَدْ صَدَّقْتُهُ خَبَلاً بِعَقْلِي
وَعُدْتُ بِفَيْضِ آلاَمِي مُلاَما

وَلَكِنِّي سَأَبْقَى رَغْمَ يَأْسِي
بِأَسْبَابِ المُنَى أُقْصِي الأُوَامَا

أَرَاجِيفُ الدُّجَى حَتْماً سَتَفْنَى
وَيَبْقَى الصُّبْحُ يَجْتَاحُ الظَّلاَمَا