اسْتِغَاثَةُ اليَمَامَة - صلاح الدين الغزال

لِثَأْرِكَ يَا كُلَيْبُ لَقْدْ نَهَضْنَا
وَخُضْنَا الأَرْبَعِينَ وَلَمْ نُبَالِ

وَهَذَا اليَوْمَ دُرَّتُنَا قَتِيلٌ
وَلَمْ أَلْمَحْ أَبَا لَيْلَى قِبَالِي

لَقَدْ بَاءَ الصَّغِيرُ وَمَا جَزِعْنَا
بِشِسْعِ النَّعَلِ مِنْ بَيْنِ الرِّجَالِ

وَلَمْ نَقْرَعْ لأَجْلِ الحَرْبِ طَبْلاً
وَأَسْلَسْنَا القِيَادَ إِلَى المَوَالِي

وَصِرْنَا وَالخَنَا فَرَسِي رِهَانٍ
نَهَابُ المَوْتَ مِنْ قَبْلِ النِّزَالِ

غَدَا جَسَّاسُ سَيِّدَنَا جَمِيعاً
وَحَالَ الخَوْفُ عَنْ خَوْضِ القِتَالِ

فَزِعْنَا وَالسَّنَابِكُ تَعْتَلِينَا
إِلَى القَلَمِ المُذَهَّبِ لاَ النِّبَالِ

تَمَرَّغْنَا تُرَابَ الخِزْيِ دَهْراً
وَأَشْعَبُ أَمَّنَا عِنْدَ النَّوَالِ

نَعُبُّ الخَوْفَ مِنْ بَعْدِ اعْتِدَادٍ
بِمِلْءِ أَكُفِّنَا تَحْتَ النِّعَالِ

وَنِلْنَا بِالسُّيُوفِ وَقَدْ تَدَاعَتْ
عَلَى الأَغْمَادِ دَرْباً لِلزَّوَالِ

فَسُحْقاً لِلْمَلاَذِ أَدَاةَ حَرْبٍ
وَبُورِكَتِ الحِجَارَةُ فِي الوِصَالِ

نُنَادِيكَ المُهَلْهِلُ قُمْ أَجِبْنَا
فَقَتْلُ صَغِيرِنَا (بِالشِّسْعِ غَالِ)

وَدَعْ عَنْكَ انْفِعَالاَتِي وَسَلْنِي
عَنِ الحَقِّ المُضَيَّعِ بِالجِدَالِ

يَضِيقُ الجِلْدُ بِي مِمَّا أُلاَقِي
وَأَفْقَدَنِي صَدَى الصَّمْتِ احْتِمَالِي

فَبَابُ الفَجْرِ لاَ بِالطَّرْقِ يُرْجَى
وَلَكِنْ دُونَهُ شَبَقُ اللَيَالِي

وَهَذِي القُدْسُ تَدْعُوكُمْ جَمِيعاً
وَمَسْجِدُهَا المُزَرْكَشُ بِالنِّصَالِ

لَقَدْ أَضْحَى الحِمَى نَهْباً مُضَاعاً
وَأَحْوَجَنِي الكَلاَمُ إِلَى الفِعَالِ

يَمُوتُ صِغَارُنَا غَدْراً وَتَبْقَى
غِمَارُ الحَرْبِ جَامِدَةً حِيَالِي

أَتَرْضَوْنَ الحَضِيضَ اليَوْمَ نُزْلاً
بُعَيْدَ بُلُوغِكُمْ قِمَمِ الجِبَالِ

دِمَاءُ كُلَيْبِكُمْ ضَاعَتْ هَبَاءً
وَحَيُّكُمُ مِنَ الأَبْطَالِ خَالِ

وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ هُنَاكَ حَمْلٌ
بِأَحْشَاءِ الجَلِيلَةِ فِي اكْتِمَالِ

سَيَنْهَضُ رَغْمَ رَيْنِ الخَوْفِ فِينَا
وَيَكْشِفُ خَوْرَ أَصْحَابِ المَعَالِي

فَلاَ يُبْقِي لَدَى الأَسْبَاطِ كَيْلاً
وَيَمْسَحُ دَمْعَ رَبَّاتِ الحِجَالِ