رِيحُ الأَرْبَعِين - صلاح الدين الغزال
مَنْذَا بِحَدِّ السَّيْفِ يُحْيِّي مُهْجَةً
قَاسَتْ مِنَ الأَهْوَالِ مَا لاَ يُحْصَرُ
رَبَّاهُ فَلْتَمْضِ المَنِيَّةُ بِالأَسَى
وَيَكُونُ غَبْنِي مُبْعَداً لاَ يُذْكَرُ
فَاللَيْلُ وَيْحَ اللَيْلِ كَمْ نَادَمْتُهُ
وَامْتَاحَ دَمْعِي جَاحِداً لاَ يَشْكُرُ
لأَفِيقَ مَذْعُوراً يُنَاوِشُنِي الرَّدَى
بِرِمَاحِهِ وَالبَغْيُ نَحْوِي يَخْطُرُ
ظَنَّ الأُلَى سَاءُوا بِأَنِّي مِنْهُمُ
مَا أَخْطَأَتْ أَلْحَاظُهُمْ إِذْ أَبْصَرُوا
وَجْهاً تُؤَرِّقُهُ المَآسِي شَاحِباً
وَيَكَادُ مِمَّا سِيمَ خَسْفاً يُشْطَرُ
أَنْصَافَ أَنْصَافٍ وَلاَ يَرْجُو سِوَى
يَوْمٍ يَمُرُّ بِدُونِ غِلٍّ يُدْبِرُ
غَابَ الرِّفَاقُ المُخْلِصُونَ فَلَمْ يَعُدْ
فِي الحَيِّ إِلاَّ ذُو لِقَاءٍ يُضْجِرُ
إِنْ غُصْتَ فِي أَعْمَاقِهِمْ مُتَأَمِّلاً
سَتَرَى قُلُوباً أُقْفِرَتْ لاَ تُبْصِرُ
وَالسُّوءُ قَدْ مَلأَ الدُّرُوبَ فَمُرِّغَتْ
آنَافُنَا وَتَلَقَّفَتْنَا الأَعْصُرُ
يَا أَيُّهَا الحُزْنُ اعْتَزِلْنِي جَانِباً
وَكَفَاكَ مَا أَبْدَيْتَ مِمَّا تُضْمِرُ
أَشْتَمُّ رِيحَ الأَرْبَعِينَ وَلَمْ أَجِدْ
فِي العُمْرِ يَوْماً مُفْرِحاً يُسْتَذْكَرُ
رَبَّاهُ أَنْتَ العَدْلُ فَامْنَحْ رَحْمَةً
وَدَعِ السَّمَاءَ عَلَى قِفَارِي تُمْطِرُ
أُنْهِكْتُ مِنْ قِبَلِ الزَّمَانِ كَأَنَّمَا
هَوَسَ الضَّغِينَةِ فِي دُجَاهُ يُذْخِرُ
يَتَسَابَقُ الصَّحْبُ الكِرَامُ لِمَقْتَلِي
وَسِيُوفُهُمْ بِدَمِي المُفَرَّقِ تَقْطُرُ
لَكِنَّنِي بِالرَّغْمِ مِمَّا نَابَنِي
سَيَظَلُّ أَنْفِي شَامِخاً لاَ يُدْحَرُ
وَإِذَا اللَيَالِي أَفْزَعَتْ أَلْبَابَنَا
وَاسْتَاءَ مِنْ غَدْرِ الرِّفَاقِ الخِنْجَرُ
لاَ بُدَّ لِلشَّمْسِ الَّتِي حَجَبَ الدُّجَى
مِنْ نَزْعِ هَاتِيكَ السُّدُولِ وَتَظْهَرُ