أَزْمِير - صلاح الدين الغزال

(إلى أحد جباة الضرائب في العصر القرمانلي)

مَنْ مُخْبِرٌ (أَزْمِيرَ) أَنَّ سَلِيلَهَا
قَدْ دَمَّرَ الأَحْلاَمَ حُبّاً فِي الظُّهُورْ

غَاصَتْ بَرَاثِنُهُ بِقَلْبِ مَدِينَتِي
وَاجْتَثَّ مِنْهَا مَا تبَقَّى مِنْ جُذُورْ

سَاقَتْ لَنَا الأَيَّامُ أَنْتَنَ جِيفَةٍ
جَادَتْ بِهَا الأَقْدَارُ مِنْ بَعْضِ القُبُورْ

هُوَ عَابسُ القَسَمَاتِ ثَانٍ عِطْفَهُ
وَالوَجْهُ مِثْلُ الظِّلْفِ يَدْعُو لِلنُّفُورْ

قَدْ كَانَ ذَاكَ العَصْرُ عَصْراً يُرْتَجَى
حَتَّى قَصَمْتُمْ بِالجَنَازِيرِ الظُّهُورْ

فَكَأَنَّكُمْ وَالتُّرْكَ إِذْ كَانُوا هُنَا
جِئْتُمْ جُبَاةً لاَ حُمَاةً لِلثُّغُورْ

وَتَكَادُ بِنْغَازِي إِذَا القَرْنُ الْتَوَى
لِلْحَلْبِ رَغْمَ الجُوعِ مِنْ حَنَقٍ تَثُورْ

بِقُدُومِهِ نَخْلاً بَقِينَا قَدْ خَوَتْ
أَعْجَازُهُ ظُلْماً وَأَنْهَكَنَا الضُّمُورْ

وَكَلَفْحَةٍ لَفَظَتْهُ نَارُ جَهَنِّمٍ
فِي الأَرْضِ فَاخْتَلَطَتْ عَلَى النَّاسِ الأُمُورْ

يُؤْذِي العِبَادَ كَأَنَّ رِيحاً صَرْصَراً
مِنْ عَهْدِ عَادٍ عُتِّقَتْ عَبْرَ العُصُورْ

مَرَّتْ بِوَادِينَا الكَرِيمِ فَأَفْزَعَتْ
قَلْبَ الرَّبِيعِ وَبَعْثَرَتْ كُلَّ الزُّهُورْ