بُكَائِيَّةُ المَخْذُول - صلاح الدين الغزال

تَدَاعَتْ سُيُولُ الدَّمْعِ تَحْبُو عَلَى خَدِّي
وَخَيْلُ الأَسَى وَالمَقْتِ قَدْ أَزْمَعَتْ رَصْدِي

وَهَذَا اجْتِيَاحُ العَسْفِ مَا انْفَكَّ شَاهِراً
عَلَى اللَحْظِ أَسْيَافاً مِنَ الهَمِّ وَالسُّهْدِ

رَثَيْتُ لِحَالِي مُنْذُ أَنْ كُنْتُ مُضْغَةً
بِرَحْمِ التَّلاَشِي أَحْتَسِي حُرْقَةَ الفَقْدِ

أَرَى كُلَّ آمَالِي عَلَى النَّزْفِ أُجْهِضَتْ
وَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ الذَّرْفِ أَلْهُو بِهِ وَحْدِي

عَلَى الجَمْرِ مَخْذُولاً أَسِيرُ بِفَاقَتِي
أَجُوبُ وِهَادَ الرَّسْفِ مُسْتَسْهِلاً بُعْدِي

لَجَأْتُ إِلَى إِيقَادِ نَهْجِي لَعَلَّنِي
أُزِيلُ فُلُولَ اليَأْسِ عَنْ أَوْجُهِ الحَشْدِ

وَأَدْلَجْتُ بِالأَصْفَادِ فِي البِيدِ وَالِجاً
فِجَاجاً أَذَاقَتْنِي المَذَلَّةَ فِي المَهْدِ

رَدِيفَ المَآسِي بَائِساً مُنْهَكَ القُوَى
سَفِيرَ المَرَاثِي مُعْدِماً بِزَّتِي جِلْدِي

أَضُنُّ بِنَفْسِي أَنْ أُرَى اليَوْمَ مَانِحاً
وَمِيضِي لِمَنْ خَانَتْ دَمَاثَتُهُمْ عَهْدِي

سَبَانِي لَدَى الإِيصَادِ غِلٌّ مُؤَمَّلاً
قُبَيْلَ تَدَاعِيهِ عَلَى الرِّسْغِ أَنْ يُرْدِي

وَسَالَتْ دِمَائِي فَوْقَ نَعْشِي وَمَلَّنِي
مُقَامِي مَعَ الأَحْيَاءِ مُسْتَصْحِباً لَحْدِي

نَبَشْتُ رُفَاتِي دُونَ إِذْنِي مُجَابِهاً
سِيُوفاً أَرَاقَتْنِي وَمَا أُغْمِدَتْ بَعْدِي

لأَشْقَى كَسِيرَ النَّفْسِ أَعْدُو بِلَوْعَةٍ
أَثِيراً لَدَى الإِعْيَاءِ مُسْتَعْذِباً وَأْدِي

وَمَنَّانِيَ السَّيْرُ الحَثِيثُ عَلَى الطَّوَى
إِلَى أَهْلِنَا فِي مَرْوَ إِنْ جِئْتُ بِالشَّهْدِ

فَعُدْتُ أَسِيرَ الغَيْظِ يَصْفَعُنِي النَّوَى
بِخُفَّيْ حُنَيْنٍ وَاجِماً دَامِيَ الخَدِّ

نَحِيبِي عَلَى نَجْلَيَّ قَدْ جَذَّ مُقْلَتِي
وَكَمْ حَاوَلَ الإِدْلاَجُ تَدْلِيسَ مَا أُبْدِي

لِهَذَا قَصِيدِي أَجْهَدَ الجَفْنَ ذَارِفاً
عَلَى الشَّجْوِ أَنْهَاراً مِنَ الدَّمْعِ لاَ تُجْدِي

وَلاَ شَيْءَ غَيْرَ المَوْتِ يَجْتَثُّ مَاجِداً
سَبَتْهُ سِيَاطُ الجَدْبِ لِلْغَيْثِ يَسْتَجْدِي