تلك العروبة جرحها يجري دما - أحمد محرم

تلك العروبة جرحها يجري دما
من يمنع الإسلام أن يتألما

هذا تراث محمد في قومه
أمسى بأيدي الناهبين مقسما

أثر السيوف عليه والدم حوله
حران يصرخ أين أبطال الحمى

أين الألى ورثوا الممالك حرة
تقضي القضاء على القياصر مبرما

ترمي فتهدم كل أرعن شاهق
ويخافها ريب الزمان إذا رمى

تتلفت الدنيا إذا رفعت يدا
وتطير من فزع إذا فتحت فما

دار الزمان فعاث في أرجائها
من كان ينزلها فيمشي محرما

إيه فلسطين اصبري أو فاجزعي
وكفى بصبرك في الحوادث مغنما

ظلم اليهود بنيك حين تحكموا
وأرى الألى باعوك كانوا أظلما

يا ويحهم أفما رأوا من حولهم
شعبا أعز من اليهود وأكرما

شوك الشعوب رمت به أقدامها
ورموا به منا العيون النوما

طرد الكرى عنها وشك سوادها
فتفجرت بالدمع وانبجست دما

نظرت فلم تر في منازل قومنا
بالقدس إلا مصرعا أو مأتما

أثر البراق جرت عليه صواعق
للبغي من حلفائنا فتضرما

عقدوا لنا العهد البغيض وإنهم
لأضر من عقد العهود فأحكما

ما العهد يكتب للسلام على رضى
كالعهد يكتب بالسلاح مسمما

بلفور بئس الوعد وعدك للألى
جعلوك للأمل المخيب سلما

خدعوك حين أطعتهم وخدعتهم
إذ طاوعوك وتلك منزلة العمى

لسنا ولاة الحق إن لم يندموا
ولأنت أولى أن تتوب وتندما

تلك الإساءة ما استقل بمثلها
في الدهر قبلك من أساء وأجرما

إن الذين جهلت حسن بلائهم
ضربوا لك الأمثال كيما تعلما

إن جل ما أبصرت من أحداثهم
فستبصر الحدث الأجل الأعظما

الموت عند القوم أعذب مشربا
مما يراد بهم وأطيب مطعما

إخواننا الأحرار ما ألفوا الأذى
مرعى ولا عرفوا المذلة مجثما

نفر الحفاظ بهم فلست بواجد
منهم بمصطرع الفوارس محجما

ورثوا الكماة المعلمين فما ترى
بديارهم إلا الكمي المعلما

تلك الديار المشرقات لو أنها
نزلت منازلها لكانت أنجما

ما انفك مجرى الوحي في جنباتها
يلقي على الدنيا الشعاع الأقدما

لولا جهالتها وباطل أهلها
لأضاء من أقطارها ما أظلما

بك يا فلسطين البلاد تعلمت
أدب الجهاد وكان معنى مبهما

ماذا يضيرك إن توهم جاهل
وأبى عليه خباله أن يفهما

هذا كتابك ليس يبلغ شأوه
من نمق الكتب الحسان ونمنما

نعم الكتاب لمن يحب بلاده
ولمن يضن بحقها أن يهضما

حر الصحائف من بدائع حرة
حملت جلال العبقرية ميسما

بداته بالدم والحديد وإنه
بسواهما لن يستتم ويختما

إيه شعوب المسلمين تنبهوا
وتداركوا أسبابكم أن تجذما

الله في إخوانكم وبلادكم
أفما ترون الخطب كيف تهجما

حفظوا التراث لكم وصانوا عرضكم
أفتكرهون لعرضكم أن يسلما

لا تخذلوهم والملائك شهد
بالمسجدين كفى بذلك مأثما

إني وفيت لهم ولست بمسلم
إن خنت في دنياي شعبا مسلما

أتبيت أولى القبلتين حزينة
وأبيت وسنان الجفون منعما