هذا الدفاع وهذه الأجناد - أحمد محرم

هذا الدفاع وهذه الأجناد
أأمنت أن تتوثب الآساد

مصر الطريدة هب من أعلامها
بطل هوادته وغى وطراد

من جانب الغيل المنيع تتابعت
وثباته وتجاوب الإرعاد

شرع التقدم بالفيالق قومه
فتعلم الأبطال والقواد

قوم إذا لمعت مفاخر بيتهم
لمعت سيوف في الجهاد حداد

كشفوا الظلام فهم نجوم هداية
ورست جوانبهم فهم أطواد

للشم ميعاد يجيء وهذه
ملء الحوادث ما لها ميعاد

تطغى الزلازل حولها وتريدها
فإذا السماوات العلى أسناد

هم في الكنانة آل بدر مالهم
إلا الشهادة مطلب ومراد

إن صال منهم في الكريهة مقدم
صال الزبير وأقدام المقداد

ولدوا حياة للبلاد فبوركت
تلك البطون وبورك الميلاد

درجوا على الإيمان أبيض ساطعا
لا الكفر شيب به ولا الإلحاد

الأمهات المجد حين ولدنهم
والسؤدد الآباء والأجداد

طويت على أحشاء مصر ضلوعهم
فالقوم وجدان لها وفؤاد

عنوانها والحادثات هوادة
ومثالها والحادثات جلاد

ولقد أراهم والحياة بأسرها
والدهر أجمع مأتم وحداد

وأرى بداري من علي دمعة
هي للعيون الباكيات عتاد

هاجته مصر تضام وهي عزيزة
وتسام خسفا والحماة شداد

قصفوا بأيديهم سلاح جنودها
فهوى لها علم وخر عماد

فإذا المعاقل والحصون مصارع
وإذا الأسنة والظبي أصفاد

حسرات حر لا تفارق نفسه
حتى يفارق قومه استعباد

أتراب شعب أم تريكه ناقف
عصفت بها الأحداث فهي رماد

ما الشعب فوضى لا يصان له حمى
إلا ذباب هالك وجراد

أسفي على الوادي ينام حماته
ويعيث في جنباته المرتاد

رزق الذئاب أبيح غير مكدر
ومن الشعوب ضراغم ونقاد

الصيد من نسك الحياة لمتق
يخشى عذاب الهون حين يصاد

فإذا الألى زهدوا كأن لم يؤمنوا
وإذا الغزاة كأنهم زهاد

دين تتابع بالهداية رسله
والأنبياء الجلة الأمجاد

أحكامه الجرد الصوافن ترتمي
وحدوده الأسياف والأجناد

والقاذفات من الجحيم صواعقا
هي للممالك والشعوب حصاد

والسابحات على الغمار كأنها
للجن في الحدث الجليل مصاد

والراصدات لها تبيت عيونها
يقظى إذا أخذ البحار رقاد

والطائرات تفوت كل محلق
وتظل ناهضة القوى تنطاد

تلك الحياة جرت إلى غاياتها
فاللج سبل والرياح جياد

وإذا سألت عن الصعاب وحكمها
فالعلم للصعب الأبي قياد

جد الدفاع فللكنانة حقها
والحق يؤخذ عنوة ويعاد

إن الرجال مجاهد لبلاده
فاد يذود عن الحمى ويذاد

وفتى ضنين في الجهاد بنفسه
سمح بآلاف النفوس جواد

آل الشهيد وما دعوت سوى الألى
هم للبلاد القادة الأنجاد

أنتم أولو الحق المقدم فانهضوا
بالأمر تنهض أمة وبلاد

ميثاقكم مجد لمصر وسؤدد
وسبيلكم فيها هدى ورشاد

علمتم الناس الجهاد أذلة
والعز بأس صادق وجهاد

لولا مواقفكم وصدق بلائكم
تحمون أبناء البلاد لبادوا

أيام يحمي السبل ذو جبرية
جم الصواعق مبرق مرعاد

يقضي على مصر القضاء سبيله
عسف وملء كتابه استعباد

لما رميتم تفتحون فجاجها
هوت الصروح وزالت الأسداد

فإذا الوقائع ما بهن مكذب
وإذا الفيالق ما لهن عداد

وإذا الفتوح تحار فيها جلق
وتغار من أنبائها بغداد

سكنت ربي الوادي المروع وانجلى
فزع النفوس وما انجلى الجلاد

أمن الحتوف لذي المخافة مأمن
ومن الأسنة مضجع ووساد

باتت عيون الجاهلين قريرة
والعيش هم ناصب وسهاد

إن الألى تركوا البلاد ذليلة
لهم الألى ملكوا الرقاب وسادوا

ألكل طائفة زعيم صالح
وبكل ناحية أذى وفساد

يا أمة الوادي تموج ذئابه
ويجلل السارين فيه سواد

هذا إمامك فاسلكي سبل الهدى
نعم الإمام الكوكب الوقاد

سيري على السنن السوي فإنه
نور الشهيد على المدى يزداد

ثقة وإيمان وصدق عزيمة
تلك الذخائر ما لهن نفاد