أجوب فيافي العيش سدمان حئراً - إبراهيم عبد القادر المازني

أجوب فيافي العيش سدمان حئراً
ومالي من لفح الزمان مقيل

لقد طال بي التسيار حتى أملني
ولو أن ألوان السماء شكول

يسود شجوى كل ما أنا مبصر
فكل سناء قد عراه ذبول

يقيدني ثقل الهموم إلى الثرى
فليس إلى السعي الجليل سبيل

كنسر يريد النهض لا يستطيعه
وهيهات منه والجناح ثقيل

وليلٍ كأن الموت أرخى ظلاله
عليه فتامور الظلام قتيل

إذا عن فيه البرق كالخيط أبصرت
غياهبه الألحاظ كيف تصول

وإن هبت الأرواح من رقداتها
حسبت الدنا جذت لهن أصول

تجسم لي وهمي به فسحبتني
أرى حلماً تنهار منه عقول

كأن الربيع الطلق جاد بنفسه
وغال قوى هذي الطبيعة غول

فلا الصبح مرجوٌّ ولا الليل منتهٍ
ولا النفوس الحائرات دليل

وأبصرت روضاً هائج النبت كظه
وجلله شوك عليه طويل

تناولت منه شوكه ولففتها
لرأسي إكليلاً وذاك يهول

فظل يضج الناس إذ يبصرونني
ويضحك مني عالم وجهول

ويلتف حولي صبيةٌ يعبثون بي
ويغضي حياءً صاحبٌ وخليل

مضيت فلم أنهر صبياً مرهقا
ولم أحفل الشياب كيف تقول

وفي أذني صوتٌ ندىٌّ يحثني
يميد بعطفي حسنه ويميل

أشق به هذا الأنام كأنهم
وما أطنبوا فيه الغداة فضول