الـغــد - إبراهيم ناجي

يا حنانا كيد الاسي الرؤوم
وشعاعا يشتهى بعد الغيـوم

أنا في بُعْدِكَ مفقودُ الهُدَى
ضائعٌ أعْشُو إلى نورٍ كريمِ

أشتري الأحلام في سوق المنى
وأبيع العمرفي سوق الهموم

لا تقُلْ لي في غدٍ موعدُنا
فالغدُ الموعُودُ ناءٍ كالنجومِ!

عَبَرَتْ بي نَشوةٌ مِن فَرَحٍ
فَرَقَصْنَا أنا والقلبُ سُكَارَى

سنَذمُّ النورَ حتى يَتَلاشى
ونذمُّ الليلَ حتى يتوارَى!

فركبنا الوهمَ نبغي دارَها
وطوينا الدهرَ والعالَم طَيَّا

ولقينا الحسنَ غَضّاً والصِّبَا
وتملَّيْنَا الجلالَ الأبدِيَّا

أتراها خدعةً حاقت بنا؟!
أتراها ظِنةً مما ظَنَنَا؟

إذِنَ اللهُ به بعد النوى
فثوينا واسترحنا وأمِنّا!

أيها الآمرُ في مُلكِ الهوى!
اعف عن لهفةِ روحي وأواري

غير أني كلّما امتدت يدي
لعناقٍ جِفتُ أن تؤذيكَ ناري!

ملكت قلبي ولُبي رهبةٌ
عصفت بالقلب واللُّبِّ جميعَا

وحبيسٍ من عتاب في فمي
قد عصاني فتفجَّرتُ دموعَا!

واختفتْ تلك الرُّؤَى عن ناظري
وطواها الغيبُ في سِحْريِّ بُرْدِ

وإِذا بي غارقٌ في محنَتي
وبلائي، أقطعُ الأيامَ وَحْدٍي

ودَع الصدق لمن ينشده
الحجى خمصيَ فاغمرْ بالضلالِ

يا جِنانَ الخًلْدِ قَدَّمْتُ اعتذاري
إِذ يَطوف الخلدَ سقمى ودَماري

خلِّني بالشوقِ أستدني غداً
فغداً عندي كآبادٍ طوالِ!

أيها الآمرُ في مُلكِ الهوى!
اعف عن لهفةِ روحي وأواري

أشتهي ضَمَّكَ حتى أشتفي
فكأني ظامىءٌ آخذ ثاري!

غير أني كلّما امتدت يدي
لعناقٍ جِفتُ أن تؤذيكَ ناري!

أيها النورُ سًَلاماً وخشوعاً
أيها المعْبَدُ. صَمْتاً ورُكُوعَا

ملكت قلبي ولُبي رهبةٌ
عصفت بالقلب واللُّبِّ جميعَا

رُبَّ قول كنتُ قد أعددتُه
لكَ إِذ ألقاك يأبى أن يطيعَا

وحبيسٍ من عتاب في فمي
قد عصاني فتفجَّرتُ دموعَا!

لذعتني دمعة تلفح خدي
نبهتني من ضلالٍ ليس يُجْدِي

واختفتْ تلك الرُّؤَى عن ناظري
وطواها الغيبُ في سِحْريِّ بُرْدِ

وتَلَفَّتُّ فلا أنت ولا
جنةُ الخلد ولا أطيافُ سَعْدِ

وإِذا بي غارقٌ في محنَتي
وبلائي، أقطعُ الأيامَ وَحْدٍي

هاتِ قيثاري ودَعْني للخيالِ
واسقني الوهْمَ! وعَلِّلْ بالمحالِ!

ودَع الصدق لمن ينشده
الحجى خمصيَ فاغمرْ بالضلالِ

وخُذ الأنوار عنّي، ربما
أجدَ الرحمةَ في جوفِ الليالي

خلِّني بالشوقِ أستدني غداً
فغداً عندي كآبادٍ طوالِ!