شموع و دموع - جمال مرسي

رَقَصَت عَلَى نَبضِ القُلُوبِ شُمُوعُ
فَجَرَت على خَدِّ الشُّمُوعِ دُمُوعُ

هتزَّ رَحْمُ الليلِ ، فانبَلجَ الضُّحى
مِن نَجمَةٍ ، كي تستضيءَ رُبُوعُ

ضِدّانِ ، فَاعجَبْ كَيفَ يُوُلدُ فِي الثَّرَى
بَدرٌ لَهُ تَحتَ الحِجابِ ضُلُوعُ

يا كُلَّ بُستانٍ يُجَافِيهِ الشَّذى
جُد بالعُطُورِ فَقَد أَتَاكَ رَبيعُ

يا كُلَّ عُصفُورٍ يُخاصِمُهُ الغِنا
غَرِّدْ ، فَصَوتُكَ في المَدَى مَسمُوعُ

هِيَ لَحظَةُ المِيلادِ ، مُذ غَمَرَ النَّدَى
قَلبِي ، فخبَّأ وَجهَهُ اليُنبُوعُ

مُذ عَطَّرَت أَنسامُ رُوحِكِ مُهجَتِي
و امتاحَ مِنها خَافِقِي المَوجُوعُ

حُلُماً رَأَيتُكِ يا بَنَفسَجةَ الرُّؤَى
فَعَجِبتُ مِن حُلْمٍ شَذاهُ يَضُوعُ

مسكونةً بالنُّورِ ، قَد شَرِبَ الضِّيا
مِن نُورِ وَجهِكِ واصطَفَتكِ زُرُوعُ

دَربِي إليك مَشَيتُهُ ، لم يُثنِني
ظَمَأٌ يُعربِدُ فِي الحَشَا ، أو جُوعُ

أَحبَبتُ إِبحارِي بِعينِكِ ، مَركَبِي
هُدبٌ ، و رَوضُ الكَستَناءِ قُلُوعُ

لا تَترُكِي البَحَّارَ في لُجَجِ النَّوَى
فَرداً ، إذا خَفَتَ الفَنَارُ يَضِيعُ

عَيناكِ إن عَصَفَت بِهِ أَنوَاؤُهُم
شُطآنُهُ ، و لِوَاؤُهُ المَرفُوعُ

رَمَقُ الحَياةِ ، رُضَابُ ثَغرِكِ عندَهُ
إن تَمنَعِيهِ فإنَّهُ مَصروُعُ

فُطِرَت على عِشقِ الجَمَالِ جُفُونُهُ
شَقَّ البِحَارَ فليسَ ثَمَّ رُجُوعُ

أُيلامُ فِيكِ و أنتِ نَورَسُ قلبِهِ
و المُبتَغَى و المَوثِقُ المَشرُوعُ

وا حرَّ ليلٍ حَالَ دُونَ لقائهِ
بالفجرِ سُورٌ في الظَّلامِ منيعُ

يا كَم تَمَنَّاهَا : إذا ابتَاعَ الهَوَى
عُمراً فداءَ المُقلَتَينِ يبيعُ

لَكِنَّهَا الدُّنيا تُحَرِّقُ حُلمَهُ
و لَكَم تَشَبَّثَ بالدُّنى مَخدُوعُ

تَلقَاهُ يُوقِدُ للأَنَامِ شُمُوعَهُ
تَكوِيِه نارُ شُمُوعِهِ و دُمُوعُ