غربة - جمال مرسي

يا ربُّ هل من عوْدةٍ ورجوعِ
بعد الشتاتِ و غربتي و دموعي

باتت طيورُ الروضِ في وُكُناتِها
و طيورُ وجدي لم تَعُدْ لربُوعي

فتأجَّجَت شمسُ الهجيرِ بمُهْجَتي
وتَضَرَّمَتْ نارُ الأسى بضلوعي

أمشي على شَوْكِ القتادِ ، تقودني
قدماىَ صوْبَ الأحمرِ الممنوعِ

أجتازُ حَدَّ الإنهزامِ ، وأعتلي
موجَ التحدِّي ، سابحاً بقلوعي

أطوي دياجي حيْرتي و تغَرُّبي
وأُضيئُ رغم الإنكسارِ شموعي

لأُطِلَّ بالأملِ الذي يحيا هُنا
مُتَلألئاً بفؤاديَ الموجوعِ

إطلالةَ الملهوفِ شوقاً للثرى
في موطني بين الجوى ونزوعي

و صبابتي للنيلِ يروي خافقي
حُبّاً ، و رفضي ذِلّتي وخضوعي

وطني الذي خبَّأتُ بينَ جوانحي
و عشقتُهُ في يقظتي و هجوعي

و جهرتُ بالحبِّ الذي أسمو بِهِ
فشَهَرْتُهُ كالبيْرَقِ المرفوعِ

وطني الذي في مُقلَتَيْكِ رأيتُهُ
كالطيرِ يلثُمُ صَفحَةَ الينبوعِ

و رأيتُهُ في وجنتيْكِ ، فَخِلْتُهُ
وردا يتيهُ بسهلِكِ المزروعِ

و رأيتُهُ فوقَ الجبينِ مُزَيِّناً
تاجَ العلاءِ بروعةٍ و نصُوعِ

حطَّمتُ كُلَّ سلاسلي و تَغَرُّبِي
و حَزَمْتُ أمتعتي ، رَبَطْتُ نُسوعي

و عَبَرْتُ خطَّ الإرتياحِ ، ولهفتي
تجتاحُ مابي من صدىً أو جوعِ

و مَشَيْتُ في كلِّ الدروبِ ، حَسِبْتُني
كالفاتحِ المغوارِ يومَ رجوعِ

و ظننتُ أنِّي بعدَ ( عشرٍ ) أُرتَجى
فَوَجَدْتُني كالقائدِ المخلوعِ

والكُلُّ يلوي رأسَهُ إن أبْصَرَتْ
عيناهُ وجهَ العاشِقِ المخدوعِ

هيَّأْتُ نفسي للرجوعِ مُهَلْهَلاً
و دَفَنْتُ طَيَّ حقائبي مشروعي

و عزمتُ أن أبقى هناكَ بغُربتي
ما بين أشعاري و بين دموعي