عدتَ يا يوم مولدي - جمال مرسي
جَاءَتْ تُهَنِّئُنِي بِلَيْلَةِ مَوْلِدِي
و تَقُولُ مَدَّ اللهُ عُمرَكَ سَيِّدِي
و تَبَسَّمَت ، فَكَأَنَّما الدُّنيا و مَا
فِيهَا غَدَت فِي لَحظَةٍ مِلْكَ اليدِ
قَالَت أَرَاكَ اليَومَ أَكثَرَ نَضْرَةً
و كَأَنَّ وَجهَكَ رِحلَةُ الصُّبحِ النَّدِي
أَعوَامُكَ الخَمسُونَ تنثرُ فُلَّهَا
مِثلَ النُّجُومِ تَلألأَت فِي أَسوَدِ
و جَحَافِلُ الشَّيْبِ المُرِيعِ تَرَاجَعَت
لمّا رَأَت مِن عَزمِكَ المُتَوَقِّدِ
ضَحِكَتْ كَأَنَّ الصُّبحَ أشرقَ مُسفِراً
عن لؤلؤٍ خلفَ الشفاهِ مُنَضَّدِ
نَفَثَت نَسَائِمَ عِطرِهَا فِي خَافِقِي
و مَضَت لِتَسكُنَ فِي جوارِ الفَرقَدِ
و صدى دعاءٍ لي يُشَنِّفُ مِسمَعِي:
تفديكَ عيني مِن عُيونِ الحُسَّدِ
****
يا رَبَّةَ الحُسنِ الذي ما أَبْصَرَت
عَيْنِي مَثِيلَ شُمُوخِهِ المُتَفَرِّدِ
لم تُبقِ لي خَمسُونَ عاماً عِشتها
إلا بقايا ذِكرياتٍ عُوَّدِ
خَطَرَت ، فَعَنَّت لي طُفُولةُ ضائِعٍ
و تََقَلَّبَت بِي في شَبابِ مُشَرَّدِ
تَتَخَاطَفُ الأَمصَارُ زَهرَةَ عُمرِهِ
و تَفُتُّ في عَضُدِ الغُلامِ الأمرَدِ
خَمسُونَ عاماً في الحَيَاةِ قطعتها
و قطارُ خمسيني يروحُ و يغتدي
و العُمرُ لا يُحصَى بأعوامٍ الفتى
لَكِنْ بما بَلَغَ الفتى من سُؤْدَدِ
و لقد تَرَبَّصَت الخُطُوبُ بخافقي
فَصَرَعتُهَا بعزيمةٍ و تجلِّدِ
ما كانَ يَقهَرُنِي سِوَى غَدرِ اْمرِئٍ
أَسكَنْتُهُ قلباً كمثلِ العسجدِ
و تخذتُهُ خِلاًّ فما صانَ الوفا
و أَمِلتُ فيه سَعادةً ، لم أسعدِ
أحببتهُ فرمى الفؤادَ بِرمحِهِ
و زرعته ، فجنيتُ ما زرعت يدي
أَقسَمتُ ألا خيرَ في دنياً بها
غَلَبَت كُؤُوسُ المُرِّ عَذبَ المورِدِ
****
يا ليلةَ المِيلادِ عُدتِ و أُمَّتِي
فِتَنٌ تُمَزِّقُ شَملَهَا لم تُخمَدِ
مِن كُلِّ صَوْبٍ أَقبَلَت أَعدَاؤُهَا
و رَمَت سِهَامَ شُرُورِهَا فِي الأَكبُدِ
و تَطَاوَلَ الجُبَنَاءُ عُبّادُ القروشِ..
على النَّبِيِّ الهَاشِميِّ مُحَمَّدِ
من جَاءَ بالحَقِّ المُبِينِ لِيُخرِجَ ال
دُنيا من الليلِ البَهِيمِ السَّرمَدِي
و بهديهِ عرفت طريقَ هدايةٍ
و بنورِهِ قَرَّت جُفونُ مُسَهَّدِ
و بِعِلمِهِ صَارَ الجَهُولُ مُعَلِّماً
و بِرِفعَةِ الأخلاقِ كُلٌّ يقتدي
هذا اْبنُ عبدِ اللهِ مَهمَا حَاولَ ال
باغونَ مِن تِدنِيسِ ثَوْبٍ يَرتَدِي
خسئوا ، فليس يُنال في عليائِهِ
بدرٌ و لا يُغتالُ نورُ الفرقَدِ
****
يا ليلةَ المِيلادِ قد أَرَّقتِنِي
حتَّى قَضَيتُكِ في أسىً و تنهدِ
و رجعتِ بي للأمس حتى أنني
أُنسيتُ من حزني أمانيَّ الغدِ
فوددتُ لو لم تَأتِني يا ليلتي
أو أنني للآن لمَّا أولَدِ