عندليب البيان - جمال مرسي
إلى الشاعر د. عمر هزاع
أَمِيرَ القَوَافِي ، بَشِيرَ النَّدَى
عَبِيرَ الأَقَاحِي ، سَفِيرَ الهُدَى
سَلِيلَ الكِرَامِ ، صَلِيلَ الحُسَامِ
رَفِيعَ المَقامِ ، وَسِيعَ الجَدا
أُنَادِيكَ يا صِنوَ رُوحِي ، و أَدرِي
بِأَنَّكَ أَهلٌ لِهَذا النِّدا
و أُزجِي إِليكَ رَبِيعَ الشُّعُورِ
و أَبعَثُ شَوقِي يَجُوبُ المَدى
يُفَتِّشُ عَنكَ بِقَاعِ البُحُورِ
أَيَا دُرَّةَ البَحرِ و المُنتَدى
و يَسأَلُ عَنكَ ذُرَا الشَّامِخَاتِ
فَفِي الأَوجِ تَسكُنُ مُسْتَفرِدا
تُطِلُّ عَلَينَا بِقَلبٍ رَؤُوُمٍ
و عَينٍ تَجُودُ بِقَطرِ النَّدى
فَلا غَابَ ذِكرُكَ عَن عَاشِقِيكَ
و لا ضَاعَ جَهدُكَ فِيهُمْ سُدى
كَأَنَّكَ يا عَندَلِيبَ البَيَانِ
لِسَانُ الفَصَاحَةِ إِنْ غَرَّدا
كَأَنَّكَ لَحنٌ يَجُوبُ الفَضَاءَ
و بَعدَكَ كُلُّ الغِنَاءِ صَدى
إِذا السَّيفُ أُغمِدَ كُنتَ الخَمِيلَ
و كُنتَ الصَّليلَ إِذا جُرِّدا
و كُنتَ الصَّبُورَ عَلَى النَّائِبَاتِ
و ذَا مِرَّةٍ فَوقَ بَأْسِ العِدا
إِذا رَامَ حَوضَكَ خَصمٌ عَنِيدٌ
سَقَيْتَ خُصُومَكَ كَأسَ الرَّدى
و إِن رَامَ دِفأَكَ قَلبٌ عَمِيدٌ
بَسَطتَ ضُلُوعَكَ كَي يَرقُدا
تَجُودُ بِكُلِّ نَفِيسٍ لَدَيكَ
كَأَنَّ لِكُلِّ نَفِيسٍ يَدا
فَسُبحَانَ مَن بِالضِّياءِ كَسَاكَ
لَهُ صَفوَةٌ يَجتَبِي للنَّدى
و سُبحَانَ مَن قَد حَبَاكَ القَرِيضَ
كَنَهرٍ.. إِذا شاءَ .. لَن يَنفَدا
هُوَ الشِّعرُ يَسكُنُ فِي مُقلَتَيكَ
تُتَوِّجُهُ بِالوَفَا عَسجَدا
تُعيدُ لَهُ بُردَةَ الأَوَّلِينَ
و مَا كَانَ هَمُّكَ أَن تُحمَدا
هُوَ الشِّعرُ طِفلُكَ تَحنُو عَلَيهِ
و تَخشَى عَلَى اْبنِكَ أَن يُوأَدا
تُدَفِّؤُهُ يَا زَكِيَّ الفُؤَادِ
بِقَلبِك خَشيةَ أَن يَبرُدا
فَقُل لِي بِرَبِّكَ مَن لِلقَصِيدِ
إِذا غَابَ عَنهُ الذي جَدَّدا
و أَلبَسَهُ حُلَّةً مِن بَهَاءٍ
و أَنجَاهُ مِن بَطشِ مَن بَدَّدا
أَرَى "هِندَ" تَحكِي ، و" زِيشانَ" تَبكِي
و "دَعدٌ" تريق دَماً أسودا
و وَالِدةٍ لَم تَزَل فِي دِمَاكَ
أُصُولَ الحِكَايَةِ و المُبتَدا
و طِفلٍ بِغَزَّةَ كَم ضَمَّدَتهُ
يَداكَ ، يُصَرِّخُ مُستَنجِدا
و أُختٍ نَذَرتَ لَهَا كُلَّ شِعرٍ
تَذُودُ عَن العِرضِ مُستَأْسِدا
و قَلبي الذي ضَعضَعَتهُ الخُطُوبُ
يُنَادِيكَ عُد فَارِساً ، سَيِّدا
أَتَترُكهُ فِي اصطِرَاعِ العُبابِ
غَرِيقاً يَمُدُّ إِليكَ اليَدا ؟
و تَمضِي وَحِيداً بِدَربِ الشَّقاءِ
و عَهدِي بِقَلبِكَ أَن يُنجِدا
" أَبَا حَفصَ " : نُورُ القَنَادِيلِ يَخبُو
إِذا لَم يَجِد زَيتَكَ المُوقِدا
و أَنتَ شَهِدتَ المَخَاضَ العَسِيرَ
و شَاهَدتَ يَا "عُمَرُ" المَولِدا
فَكُنتَ الغَيُورَ و كُنتَ الصَّبُورَ
و كُنتَ الحَصُورَ و كُنتَ الفِدا
نَمَا طِفلُنَا بَينَنَا فِي هُدُوءٍ
و نَالَ الصَّدَارةَ و السُّؤدَدا
فلم ينسَ عطفَكَ وهْوَ صغيرٌ
فكيفَ سينساكَ إن يرشُدا
و لَم يَكُ في طَبعِهِ مُذ تَرَبَّى
عَلَى الخَيرِ يَا صَاحِ أَن يَجحَدا
فَعُد و املأِ البيتَ شدواً جميلاً
و لا تُرهِقَنْ جَفنَكَ المُسهَدا