أُحقِّركُم وأكرَهُكُم جميعا - جمال مرسي
أُحقِّركُم و أكرَهُكُم جميعا
لذلكَ جاءَكُم رَدِّي سريعا
أُحقِّركُم و أكرهُ كُلَّ يومٍ
رَأَيتُ بِهِ خيالَكُمُ المُرِيعا
و يحْقِركم معي عقلي و قلبي
و شِعرٌ جاءَ مُنصاعاً مُطِيعا
فَقَد قَطَّعتُمُ حبلَ التَّآخِي
و أغضبتُم بِفَعلَتِكم يسوعا
و صُلتُم في الورى بغياً وعَدواً
فَشِدْتُم بيننا سَدّاً منيعا
زرعتُم في صُدورِ الخلقِ غِلاً
فقوموا فاحصُدوا تلكَ الزُّروعا
و كان صنيعُكُم فينا رصاصاً
عتيّاً قاتِلاً سَكَنَ الضُّلوعا
و أسكَنَ في الحَشا حُزناً عميقاً
و أجرى في مدامِعِنا الدُّموعا
أنا طفلٌ عراقيٌّ يتيمٌ
هوى برصاصِكُم أبَتي صريعا
و في يومٍ وَجَدتُ أخي أسيراً
يُصارِعُ عندكم ظَمَئاً و جُوعا
و لي أُمٌّ تعيشُ الآنَ ثَكلى
و تُوقِدُ من لظى الذكرى شموعا
و أُختٌ وجهُها قَمَرٌ جميلٌ
غدا من سُوءِ فعلَتِكُم شنيعا
و لي وَطَنٌ كمثلِ النفسِ غالٍ
فلا نرضى سواهُ و لن نبيعا
فراتُ الخيرِ ألبَسَهُ رداءاً
من الأنوارِ رقراقاً بديعا
و شَبَّ يُناكِبُ الجوزاءَ نخلٌ
أبى يوماً خُضوعاً أو خُنوعا
يُداعِبُ وجهَ دِجلَةَ في حنانٍ
و يخشَعُ .. ذاكراً رَبِّي .. خشوعا
و لِي في حقلنا حَمَلٌ وديعٌ
قَضى ، لَم ترحموا حَمَلاً وديعا
و أصحابٌ ، من الغاراتِ فرُّوا
تُلاحِقُهُم قنابِلُكُم جُموعا
و مئذنَةٌ بحارتِنا تَهاوَت
فما كانَ الأذانُ لها شفيعا
و كم من مسجِدٍ دنستُمُوهُ
و شيخٍ باتَ ملتاعاً هلوعا
زعمتم أنَّكُم حَرَّرْتُمونا
و صيَّرتُم لنا الدُّنيا ربيعا
فما كان التَّحَررُ غيرَ نارٍ
تُحرِّقُ بالأسى تلكَ الربوعا
و يسألُ سائِلُ الأمريكِ ، هلاّ
ذَكَرتَ أيا عِراقُ لنا الصَّنيعا؟
يُجيبُ النَّهرُ عنّا في إباءٍ
حقوقي لن تموتَ و لنْ تضيعا
سأُغرِقُكُم جميعاً في مياهي
و أدفنُكُم بِمَقبَرَتي جميعا