ضمائر و إشارات - جمال مرسي

بحر
هذا المُسافرُ فِيهِ منذُ المَهدِ هل مَلَّ السفَرْ ؟
و هُوَ المُسافرُ مِنهُ حَتَّى المُنتَهى
هل يَستَقِرْ ؟
و هِي التِّي سَلَبَت شِراعَ العُمرِ ،
أَهدَتهُ الرِّياحَ
و أَومَأت للفارسِ البحرِيِّ : غَامِرْ .
فرأَتهُ عادَ مُكلَّلاً بِالشَّمسِ
في يُمناهُ مِلءُ مطامعِ الأُنثى جواهِرْ .
و شمالهُ تتأبَّطُ الفَرَحَ الجَديدْ .
.....
.....
وَقَفَت هناكَ لكي تُهامِسَ صاحباتِ المدرسَهْ .
فضَحِكنَ مِلءَ الكونِ ضِحكَ الشَّامتاتِ
عَلى ذُبولِ النَّرجسَهْ.
روح و ريح
هِيَ مُهرةٌ للرِّيحِ تُطلِقُ رُوحَها.
هِيَ مُهرةٌ للرُّوحِ تعصِفُ ريحُها بِالغيمِ
تُسقطُ فوقَ هامتِكَ المَطَرْ .
لا تَنتظِرْ .
قد أومأَت ،
و تَرفَّقَت ،
و تأنَّقَت ،
و تالَّقَت ،
و ...
و ...
........
........
أتُرِيدُ أَن يمضي قطارُكَ بالرَّحيلِ
و أنتَ صلبٌ كالحَجَرْ ؟
إسعاف
أَنتِ التي أَجَّجتِ نارَ الغَيرَةِ الحمقاءَ في قلبِ الصَّبِي .
أنتَ الذي أَوهَمتَنِي بالحُبِّ ثُمَّ خَلَيتَ بِي .
أنتِ التي قد بِعتِنِي بدراهمٍ معدُودةٍ
أَغراكِ في صَخَبِ الحياةِ بريقُ تبرٍ
في يَدَيْ لِصِّ البُنوكِ ،
عطورُ باريسَ التي أهداكِ ،
معْ فُستانِ سهرتِكِ الوحيدةِ في الملاهِي الفاخِرَهْ .
و نسيتِ حُبّاً شبَّ كالطِّفلِ المُدلَّلِ
بيننا يا ماكرهْ .
أنتَ الذي قد خُنتَنِي و خذلتَنِي و هجرتَنِي
و رحلتَ دونَ إشارةٍ
فتركتَنِي ما بينَ حُبِّي و ارتيابِي حائِرَهْ .
أنتَ الذي ...
أنتِ التي ...
........
........
وقفا هُنالِكَ تحتَ ظِلِّ شُجيرةٍ يتعاتبانْ
سيَّارةُ الإسعافِ ترفعُ بُوقَها
و يعِجُّ بالنَّاسِ المكانْ .
حقيقة
هذا صباحٌ مُختلِفْ .
أَطيارُهُ ليست كسابِقِ عهدِها.
مبتُورةٌ لغةُ الكلامِ
مُثلَّمٌ حدُّ الحُسامِ
مُقطَّعٌ طرفُ الغُلامِ
و كاذِبٌ وجهُ الصُّحُفْ .
...
...
هذِي الحقِيقةُ دونما زيفٍ بدا أَو أَقنِعهْ .
هَذِي الحقِيقةُ يا حبيبِي
مُوجِعهْ .
حلم
هذا الأَمِيرُ و جيشُهُ
للمسجدِ الأَقصى زَحَفْ .
لا جسرَ غير جماجِمِ المُحتلِّ يعبرُ فوقَهُ
لا نهرَ غير دِمائِهِ يروِي الظَّما
لا شمسَ تسطعُ في السَّما
غير التي سَطَعَت زمانَ الفتحِ و الأمجادِ
و الأَجدادِ
و ....
و....
و ...
..
..
قُم يا حبِيبِي ، صَلِّ فجرَكَ
و انصرِفْ .
فلقد أَصَابكَ فِي الرُّؤى بعضُ الخَرَفْ .
و أَصابنِي مِن حُلمِكَ الواهِي القَرَفْ .
صفيح ساخن
هُم ساكِنُوهْ .
هُم وحدهم لا يعرِفونَ سِوى لهيبِ المِحرقَهْ .
و على صفيحٍ ساخنٍ
يتراقصونَ
كأنَّ أَرجُلَهُم عليهِ المِطرقَهْ .
هُم يضحكونَ سُوَيعةً مُتشكِّكينَ و يعلمونَ
بِأَنَّها قد لا تعودْ .
لكنَّهم يبكونَ دوماً فِي ثِقَهْ .
...
...
لَو زُرتَهُم
و قرأتَ ما كتبوا على جُدرانِ هاتِيكَ القُبورِ
من الفجيعةِ و الكَمَدْ .
لعلِمتَ أنَّكَ رُبَّما ..
ما كنتَ مِن هذا البلدْ .