عودي - جمال مرسي
عودي فصُبِّي العشقَ في شرياني
صادٍ أنا أخنى عليَّ زماني
نَضَبَتْ منابعُ عالمي ، فكأنها
صارت عشوش البومِ و الغربانِ
أين الكرى ؟ أمسى كأنَّ سريرَهُ
رُفِعَتْ قوائمُهُ على البركانِ
ما الحلمُ إلا هاجسٌ في غفوةٍ
قد أفزَعَتْ زوراتُهُ أجفاني
إني بلوْتُ مشاعري فوجدتها
ذابت أسىً من كثرةِ الأحزانِ
و بلوْتُ روضاتي ففاحَ أريجُها
و تحَدَّثَت أزهارُها بلساني
قالت عرفتُ الخطوَ لم أحفلْ بِهِ
لم يُؤذِني إلا خُطى الإنسانِ
يزهو كطاووسٍ طغى في حسنِهِ
ظنّاً بأنَّ الحُسْنَ في الألوانِ
ما الحُسن في تلك الجسومِ و إنّما
في البرِّ في المعروفِ في الإحسانِ
في نظرةٍ تُزجى إلى مُتَأَلِمٍ
في شرْبةٍ تُعطى على صديانِ
في بسمةٍ رُسِمَتْ على شفةِ المثنى
دكَّت صُروحَ البؤسِ و الحرمانِ
في كفِّ عبدٍ قد جَنَتْ من كسْبِها
رزقاً حلالَ الجذرِ و الأفنانِ
رُفِعَتْ لخالقها بكلِّ تواضعٍ
تدعوهُ في سرٍّ و في إعلانِ
و الخيرُ في ساقٍ سَعَتْ فيما سَعَتْ
للحقِّ ، لا للزور و البهتانِ
إنْ أرقَلَتْ فالصدق في خطواتها
بالصدقِ قامت دولة الإيمانِ
أو أبطَأَتْ ، فلعلها تنجو بِهِ
من سقطةٍ في قبضةِ الشيطانِ
عودي إذن ثمَّ اسكبي يا خُلَّتي
من حبِّكِ الفيّاضِ في وجداني
لا تسألي عمّا مضى ، أولى بنا
نسيانهُ و العيش في اطمئنانِ
عودي فإن سفينتي قلبُ التي
أحببتها ، و عيونها شطآني
أرسو .. إذا ضنّتْ عليَّ مرافئٌ
في ناعساتٍ ، هُنَّ برُّ أماني