مضى سهم القضاء - جمال مرسي

أقاتلتي: أَيُجدي بعد قتلي
دواءٌ ناجعٌ ليْ أو طبيبُ؟

و هَلْ مَرَّت عليكِ غداةَ يومٍ
قلوبٌ بعدَ موْتٍ تستجيبُ ؟

مضى سهمُ القضاءِ بلا توانٍ
فأرداني ، و سهمُكِ لا يخيبُ

يُميتُ مُصَوَّباً بِفُتُورِ جفنٍ
فماذا لو رمى جفنٌ لعوبُ ؟

لعمري ، لم أكنْ و اللهِ أدري
بأنَّ العشقَ قتَّالٌ رهيبُ

و أنَّ العمرَ في الترحالِ ولّى
و لاحَ الشيبُ و اختالَ المشيبُ

و أنِّي كنتُ حاولتُ التناسي
و لكنْ كيف لي منكِ الهروبُ ؟

مضى من عمرنا زمنٌ طويلٌ
و نالتْ من خطاوينا الدروبُ

و جاوزنا بحزمٍ بحرَ ماضٍ
إلى أن جاءَ ذا السهمُ المُصيبُ

فَأُوقِظَ كلُّ شيئ في ثوانٍ
و أُضْرِمَ في الحشا هذا اللهيبُ

تلاقينا ، فما أحلى التلاقي
إذا ما الكفُّ بالأخرى تذوبُ

تعانقنا ، فَذُبْنا في عناقٍ
تغنَّى في مداهُ العندليبُ

تهامسنا ، كأنَّ الروضَ يُصغي
لما بثَّتْهُ.. بالهمسِ.. القلوبُ

تصارحنا ، فلم نُخْفِ اْشتياقاً
و أمسينا , فداهَمَنا الغروبُ

تعاتبنا ، فَذُبْنا في عتابٍ
رقيقٍ مثل أنسامٍ تطيبُ

فلمّا أًوْغَلَتْ كفُّ الليالي
أفقنا ، و الهوى سهلٌ خصيبُ

نسينا أننا لسنا فُرادى
كأمسٍ إنْ غفا عنّا الرقيبُ

و أنَّ لقاءَنا ما كان يُجدي
و أنَّ حديثَنا أمرٌ مُريبُ

و أنِّي قد بنيتُ قصورَ وهمٍ
على عينيكِ ، فانهار الكثيبُ

و أنَّ فراقنا حتمٌ علينا
و أنَّ البعدَ ناموسٌ عجيبُ

تملّكَ باقتدارٍ عرشَ قلبي
و هذا سيفُهُ مِنِّي قريبُ

فكوني مثلما قد شئتِ بُعداً
فإنِّي مثلَ أيامي غريبُ

دعيني مثل أشعاري وحيداً
فلن يُجدي دواؤكِ و الطبيبُ