مدينة الأشواق - جمال مرسي

من أي بابٍ في مدينتكِ الرحيبهْ
تَلِجُ الخيولُ إلى مروجكِ يا حبيبه
يا قصةَ الظلِّ الوريفِ
و يا صدى فصل الخريفِ
و نسمة الصبحِ الرطيبهْ
من أيِّ بابٍ
و المدينة أغلقت أبوابها
في وجه من أوحت لهُ
أوهامُهُ
يوماً بأن يجتاحَها
أو يستبيحَ سهولَها الخضرَ الخصيبهْ
(2)
من أي بابٍ أستطيعْ ؟
و على شواطئِ بحرِكِ اندحر الجميعْ
و تبددت كلُّ الأساطيلُ التي
حملت شذا الأزهار مهراً للربيعْ
و تراجعت مهزومةً
و الموجُ يكتبُ فوقَ وجهِ الرملِ
نصّاً من حكايتها العجيبه ْ
و النورسُ البحريُّ ينقل للضُّحى
قصصاً رواها البحرُ عنكِ
و لم تزلْ
نقشاً بذاكرةِ المحارْ
وشماً على صدرِ النهارْ
لم تمْحُهُ الشمس اللهيبهْ
(3)
من أي بابٍ يا حبيبهْ ؟
من بابِكِ البحريِّ أدخلُ للعيونْ
فأنا خبيرٌ بالبحارِ و بالعيون
و لسوف ترسو في مياهِكِ مركبي
فإذا أمرتُكِ فاركبي
فلقد أتيتُكِ بالهوى الجيّاشِ
بين جوانحي
لن تستطيعي درءَهُ ـ أبداً ـ
فلا تتعجبي
إن قلتُ أنَّ مدائنَ العينينِ
قد صارت سليبهْ
و غدت حدائقُ وجنتيكِ
و شهدُ ثغرِكِ
و الفؤادُ
و كلُّ ما ملكت يمينُكِ لي ضريبهْ
(4)
هذا صباح الإنتشاءْ
هذا صباحُ الفتحِ
أثرتهُ العصافيرُ الطليقةُ بالغناءْ
هذا صباحٌ للأهازيجِ التي
قد أطلقتها الطيرُ لحناً في الفضاءْ
لمّا فتحتُ مدينتيكِ
رأيتُ ما لم يستطعْ
أحدٌ قبيلي أن يراهْ
فوددتُ لو أني بقيتُ العمرَ في هذا المتاهْ
و وددتُ لو تستمتعي مثلي بألوان الحياهْ
هيّا بنا
كي نرسمَ الأحلامَ يا عمري سويّا
فهنا سنبني قصرنا
و هنا سنعلنُ حبنا
فلترجمي يا مهجتي كلَّ الأحايين الرهيبهْ
و لتعلني لمدائن الأشواقِ موْلدَ نجمنا
إني أحبكِ
فانثريها في الفضاءات الرحيبهْ
عطراً و لحناً صافيا
جابَ البلادَ و جاءَ نحوكِ معلنا
أن المسافة قد تلاشت بيننا
و غدوتِ نفسي يا حبيبهْ