في ذكرى ملحمة العبور - جمال مرسي
خيول النصر عادت من جديدِ
تصولُ ، تجولُ في الأفقِ البعيدِ
أتت بالعزِّ في سيْناءَ تزهو
كنور الشمسِ أشرقَ في الوجودِ
سنابكها مخضّبةٌ ، و تعدو
تثير النقعَ في الأرض الكديدِ
يزينُ متونها السممرُ الغوالي
حُماة النيل أفلاذ الكبودِ
رفاق السيفِ ، صنّاع التحدّي
بُناة المجد بالكفِّ الحديدِ
إذا الهيجا دعت ، لبّوْا سراعاً
أتينا طائعينَ إلى الخلودِ
****
و كان الصبرُ ملحمةَ التصدِّي
و الاْستنزافُ مفخرة الصمود
و رُبَّ رصاصةٍ كانت تُدوِّي
تذكّر يا رفيقي بالوجود
أعِدْ بالله نغْمتها علينا
أعد باللهِ عهد " ابن الوليدِ
و ردَّدْ بالرصاصِ لحونَ فخرٍ
و سطِّرْ بالدما بيت القصيدِ
فإنّا من ورائك ما بخلنا
ببذلِ طريفِ مالٍ أو تليدِ
دعوْنا ربنا في كلِّ حينٍ
و جُدنا في الركوعِ و في السجودِ
فيا ربَّ الورى حقق رجانا
و ثبِّت في الوغى و على الحدودِ
****
و عطَّّرَت الزمان طيوبُ يومٍ
من الأيامِ مشهودِ مجيد
كأنّ مقاتلي أُحدٍ و بدرٍ
ملائكةٌ تلوِّح من بعيدِِ
فباليُمنى تشدّ على الأيادي
و باليُسرى تكلّلُ بالورودِ
و تسقي الجُندَ في صحراءِ سينا
و في الدلتا و في أقصى الصعيدِ
****
و كان " الصفرُ " بعد الظهرِ جمراً
إذ الطيرانُ زمجرَ كالرعودِ
فذوّبَ خطَّ بارليف المُسمّى
بخطِّ الردعِ ، ذوَّب كالجليدِ
و شُيِّدت المعابرُ شامخاتٍ
على الأحزانِ محكمةَ المشيدِ
بناها القومُ لا يخشوْن موتاً
و هل يرتاع ذو قلبٍ شديدِ
سعى للخلدِ في جنات عدْنٍ
فحاز النصر بالخطوِ الوئيدِ
و من سهِرَت لهُ في اللهِ عينٌ
جزاهُ اللهُ جنات الخلودِ
فيا مصر اهنئي دوماً و قرّي
فإن عبورَكِ الميمونِ عيدي
يمرُّ العمرُ عاماً بعد عام
و ذكراه الحبيبةُ في وريدي
هي النغم الجميل بهِ تغنَّتْ
طيور الحُبِّ ، تجهرُ بالنشيدِ