كيف الهروب - جمال مرسي

لم أستطع يا ساكناً وجداني
منك الهروبَ و قد ملكتَ كياني

الأمس أنت ، و أنت بسمة حاضري
و غدي، و نبض الحبِّ في شرياني

كيف الهروبُ ، و ما وجدت مرافئي
إلا بعينك حين ضنَّ زماني

كيف الهروب و انت تسبحُ في دمي
و تعودُ مشتاقاً إلى شطآني

و تعود مُتعبةً لياليكَ التي
مضَّيْتها دوني إلى أحضاني

فتنام بين الحلمِ والصدرِالذي
أضرمتَ فيه النار كالبركانِ

دعها فقد تلقى لياليّا التي
كحّلتها بالسهدِ و الأحزانِ

فتذوب في دفءِ اللقاءِ مشاعرٌ
و تقرُّ بعد سهادها العينانِ

يا من تروم بسيف هجرِك قتلنا
أوَ ما كفاكَ تنائياً ، و كفاني ؟

الناس من حولي تهيمُ سعادةً
و أكاد تفتكُ بي يدُ الحرمانِ

و البحر يدعوني لأُلقي خلفَهُ
تلك الهمومَ الموجعاتِ جَناني

هل لي بعيشٍ ، و الحياةُ جميعها
جدبٌ ، و حبكَ روضتي بستاني ؟

كالنهرِ حبُّك إذ يفيضُ عذوبةً
و كسلسلٍ ، ما إنْ ظمِئتُ رواني

كقصيدةٍ لا لم يقلها شاعرٌ
قبلي ، و لا خطرت على الأذهانِ

كالصبحِ أنتَ،وهل يضاهيكَ الضحى
في الحسنِ ،في اشراقكَ الربّاني

كالبحر أنت و ليتني اجتازُهُ
لجزائرِ الفيروزِ و المرجانِ

أنت القريبُ برغم بعدكَ و النوى
و الليل و القضبانِ و السجانِ

فاطلب ، فإن رُمتَ الفؤادَ وهبتُهُ
إياكَ دون تردُّدٍ و توانِ

لكنَّ بعدي عنكَ لست أطيقهُ
كلاّ و لا الهجرانُ في امكاني