لم تزل بدراً - جمال مرسي

( قراءة جديدة لوجه القمر )

يا غريباً في الليل أنت كمثلي
و كلانا في وحدةٍ و اغترابِ

تحسد الأنجمُ الزواهرُ خِلِّي
آهِ لو تدري ما بِهِ من عذابِ

لاحَ للعينِ مشرقاً و منيراً
وهْوَ يشكو من صخرِهِ و الهضابِ

قلتُ يا بدرُ : لم تزل أنت بدراً
وسميراً لسائر الأحبابِ

لم تزل مُلهمَ الأديبِ فنوناً
و معينَ الساري و حارس بابي

لم تبُحْ يوماً مُذ خُلِقْتَ بسرٍ
قلتُهُ في ملالتي و اكتئابي

ترمق الأرض شامخاً ، لا تُبالي
عاش هذا ، أو راح ذا في الترابِ

صامداً في الآفاقِ فرداً ، أنيقاً
و فتيّاً في عُنفوانِ الشبابِ

تختفي أحياناً ، و تطلع أخرى
سائلاً عن أحوالنا في الغيابًِ

فترانا من حزننا في وجومٍ
قد غرقنا في حيْرةٍ و اضطرابِ

نحن أهلُ الأرضِ المساكين عشنا
في صراعٍ ، كأننا أهلُ غابِ

ينهش القادرُ الضعيفَ جهاراً
ويريق الدما بكأس الشرابِ

أيها البدرُ أنت أحسنُ حالاً
من بني الأرض رغم كلِّ الصِّعابِ

فاحمدِ اللهَ أنْ خُلِقْتَ سراجاً
سابحاً في هذا الفضاءِ العُجابِ

مُشرقاً في السما ، و لم تكُ إنساً
ذا نُيوبٍ قواطعٍ و حِرابِ

***

نظر البدرُ مُشفقاً ، و توارى
صامتاً في العلياء خلف سحابِ