شقيقة روحي - جمال مرسي
في رثاء ابنة عمي و شقيقة روحي
نَمُوتُ بالوهمِ أو نحيا بلا أملِ
و نحصدُ الهَمَّ لو نبكي بلا مُقَلِ
تَفيضُ أحداقُنا ، و الدَّمعُ مُحتبسٌ
فيها ، فليس يرى للنورِ من سُبُلِ
و لَيتَهُ إن جرى فوق الخدودِ دماً
أراحَ ما وَقَرَت في القلبِ من عِلَلِ
لكنهُ آثرَ الطوفانَ في كَبدٍ
سقيمةٍ ، قَدَّها الترحالُ مِن قُبُل
يا أختَ روحيَ ، والأحزانُ تعصفُ بي
قد جاءَ أمرُ الذي سَوَّاكِ فامتثلي
( كُلُّ ابنِ أنثى و إن طالت سلامتهُ )
مَيْتٌ ، و ساعاتهُ محسومةُ الأجلِ
لو خلَّدَ اللهُ في الأكوانِ من بَشَرٍ
لكانَ أولى بخُلدٍ صفوة الرُّسُلِ
و لاستقرَّت بقاعِ العينِ دمعتُها
لكنها حكمة الباري ، فلا تسلِ
أعمارنا كُتِبَت في اللوحِ من أَزَلٍ
فهل سنعمرها بالصدقِ و العملِ
و هل سنملأُ بالخيراتِ قِربَتَنا
لعلنا نرتوي في الموقفِ الجَلَلِ
أم سوف نرحلُ و الأسفارُ خاليةٌ
إلا من اللهوِّ و التدليس و الخَطَلِ
يا أختَ روحيَ ، هل طالَ الطريقُ بنا
فَرُحتِ تمشينَهُ قبلي على عجلِ
كم جاءكِ الموتُ خَطَّاباً و في يدِهِ
مَهرُ العروسِ ، فمن عينيكِ لم ينلِ
كيف استكانت له بنتُ الربيعِ ضُحىً
و كيف يجرؤ أن يُغريكِ بالحُلَلِ
أستغفر اللهَ ، هولُ الموتِ أفجعني
بِفَقدِ مَن ذِكرُها كالعطرِ لم يزلِ
أُساءلُ النفسَ و الأحزانُ تسكنها
كأنَّها البومُ و الغربانُ في طَلَلِ
من ذا سينقذُ خُطْواتِي إذا عَثَرت
من بعد موتك يا أختاهُ من زَلَلِ
و كنتِ صادقةً في النصحِ مخلصةً
و صوتُكِ العذبُ شلالٌ من العسلِ
يا كم ترنَّم بالأذكارِ منكسراً
عشيَّةً يذكر الرحمنَ في وجلِ
فَتَحتُ دفترَ أمسٍ ، رُحتُ أقرؤه
و القلبُ في شَغَفٍ و العقلُ في شُغُلِ
فما رأيتُ سوى عُصفورةٍ سَكَبَت
ألحانَ غُربَتِها للسَّهلِ و الجبَلِ
قالت و نبضتها بالكادِ أسمعها
أكرم بقصريَ في الجناتِ من نُزُلِ
أكرم بصحبةِ خيرِ الخلقِ كُلِّهِمِ
ما كان لي بعدها في العيشِ من أملِ