عاشق الكنانة - جمال مرسي
شوقي لنيلِكِ يا بلادي دافقُ
و القلبُ في بحرِ الصبابةِ غارِقُ
لكِ مهجتي تسري و كلُّ جوارحي
و الفخرُ لي أنِّي مُحِبٌ وامقُ
في حُبِّ مصرَ تَسَابَقَتْ كلُّ الخُطى
فإذا بخطوي..في ثباتٍ..سابقُ
و بعشقِها سَمَتِ القلوبُ و غَرَّدّتْ
طَرَباً ، و حلَّقَ في سماها العاشِقُ
و أنا المُتَيَّمُ بالنخيلِ و بالثرى
سَهْمُ الصبابةِ في كياني مارِقُ
إنِّي كَصَبٍّ ، لم يَجُلْ في خاطِري
أنِّي سَيُرْديني الغرامُ الحارِقُ
فإذا الفؤادُ مُكَبَّلٌ بغرامِها
و إذا بها عطفٌ و حُبٌّ صادِقُ
أرضُ الكِنانة لنْ يَقِلَّ عطاؤها
و النيلُ بالخيراتِ دوماً فاهِقُ
و سماءُ مصرَ فلن تغيبَ شموسُها
ما دام في الأكوانِ قلبٌ خافِقُ
في الطبِّ ، في الكيمياءِ ، في علم الفضا
في الفنِّ ، في الآدابِ ، كُلٌّ حاذِقُ
و على المنابِرِ لم يغِبْ خطباؤنا
حتّى يثوبَ إلى الرشادِ المارِقُ
في الحقِّ لم نخشَ الملامَ ، وإننا
في الحربِ.. يدري المُبغضونَ .. صواعِقُ
و لئِن دعانا للسلامِ حَمامُهُ
فصدورُنا للأصدقاءِ نمارِقُ
دانت لنا الدنيا بسالِفِ عِلمِنا
فتقاسَمَتْهُ مغارِبٌ و مشارِقُ
و تفرَّعت تلكَ الحضارةُ في الدُّنى
يرقى بها للمجدِ شعبٌ واثِقُ
ما ذلَّ يوماً ، ما اْستكانَ لغاصِبٍ
كلاّ ، و لم تُرهِبْ خُطاهُ بنادِقُ
يا مصرُ يا نورَ الإلهِ بإرضِهِ
أنتِ البهاءُ السرمديُّ الفائِقُ
فالعينُ من فِرْدوْسِ ربِّي حُسنُها
و الدمعُ .. ما أُهريقَ .. دوماً صادِقُ
و الخدُّ وردٌ ، و الشفاهُ جواهرٌ
و الشَّعرُ مثل التبرِ ، جَلَّ الخالِقُ
و القلبُ قد شمل العروبَةَ عطفُهُ
لمْ يألُ جَهداً ما دعاهُ الغارِقُ
لَجَّ البعادُ حبيبتي ، فانتابني
من طولِهِ شوْقٌ سخينٌ حارِقُ
عشرونَ عاماً يا بلادي تائهٌ
أدمَتْ خُطايَ مرافِئٌ و زوارِقُ
لجَّ البعادُ فكان نبضي سابِقي
و مشاعِري أبداً إليكِ سوابِقُ
لكِ في فؤادي ألفُ ألفِ وثيقةٍ
قد سطَّرتْها من دمايَ حقائِقُ