عزف منفرد - جمال مرسي

سُكونٌ
و صَمتٌ
و ليلٌ طَويلٌ ..
يُخبِّئ حُزنَهُ في مِعطفِي .
فأهربُ مِن شبحِ الذِّكرياتِ
إلى شُرفةِ القلبِ ،
و القلبُ قد أَثقَلَتهُ الهُمومُ
لأَرفَعَ رأساً تقاطَرَ مِنهُ الغَمامُ
و أَينَعَ
صارَ سنابلَ قمحٍ
تهاوَت عليها الطُّيورُ التي داعَبَتها يَدَاكِ
و حطَّت على كتِفَيكِ صباحَ انتشاءِ القصِيدهْ .
أَيا بلسمَ الجُرحِ قد أثخَنَتنا السُّؤالاتُ طعناً
فأيّ ثيابٍ تلِيقُ بسيِّدةِ القصرِ
غير ثيابِ القصيدِ
و قد أَغلَقَت مُدُنُ الرَّملِ أَبوابَها
حينَ جُبتُ شَوارِعَها فِي مسائِي الحزِينِ
أُفتِّشُ عن وجهِكِ القَمَرِيِّ
لأَسرِقَ بعضَ الوضاءَةِ مِنهُ
أُوزِّعها مِثلَ أَرغفَةِ الخبزِ يأكل مِنها الغنِيُّ الفقِيرُ ،
الفقِيرُ الغنِيُّ ليصلِبَ عُودَهْ .
و يبقَى الضِّياءُ بِوجهِكِ نهراً يفِيضُ ،
يفِيضُ
و لا ينقَضِي .
أَيا ربَّةَ الشِّعرِ هلاّ أَعَنتِ الفقِيرَ
على حزنِهِ الأبدِيِّ
عسى أَن تعودَ إِليهِ القصيدةُ ترفُلُ فِي ثوبِها الغَجَرِيِّ
مُنَمنَمَةً بِاليواقِيتِ و هْوَ يمارسُ عِشقَ النَّخِيلِ
على شاطِئِ النِّيلِ
تقتاتُهُ الذِّكرياتُ
يُداعِبُ مِنديلَكِ المَرمَرِيَّ و يمسَحُ عَن مُقلَتَيهِ دُموعاً
يُناجيهِ هل مَرَّ طَيفُ الهُيامِ هُنا اليومَ
أَم رَاوَدَتهُ المنافِي
فأضحَى شرِيداً كَكُلِّ البِلادِ الشَّرِيدهْ .
هُنا كنتُ يا أُختَ منفايَ أَعزِفُ لحنَ الرُّجوعِ الأَخِيرِ
فكسَّرَ جُندُ الخلِيفةِ عُودِي
فحفَّظتُ لحنِيَ قُبَّرةً ذات يومٍ تعلَّمتِ اللَّحنَ مِنكِ
و لكِنَّها لم يسَعها فضائِي
فطارَت إليكِ
و حطَّت برِفقٍ على كتفيكِ
فهل آنَسَتكْ ؟