وليمة رفضت تناولها أعشاب البحر - جمال مرسي
نشيد الموتِ سمّيتَ الكتابا
و قدّمتَ الوليمة و الخرابا
فكان خوانك الممدود شوكاً
و كان طعامكَ المطهيُّ صابا
أبت اعشاب بحرِكَ لأن تُدنِّي
لهُ نفساً ،فعافت اْلاقترابا
أبتهُ ، و إن بدا أرياً مُصَفّى
و إن ذاقت من الجوع العذابا
أبتهُ كما أبى الإسفافَ عقلي
فكان الردُّ لي دوماً جوابا
فقام المسلمون بكلِّ أرضٍ
يذبّونَ المفاسدَ و السِّبابا
و فوق رؤوسهم راياتُ حُبٍّ
لدينِ اللهِ عانقت السحابا
أسبِّحُ باسم ربي كم تجلّى
لهذا البحِرِ فازداد اضطرابا
و هلّلَ موجُهُ ، و العشبُ صلّى
و خرَّ الحوتُ مغشيّاً مصابا
و أعجبُ من حقودٍ لا يبالي
إلى الإسلامِ ينتسبُ انتسابا
مشى في ركْبِ طُلاّبِ اللآلي
فخطَّ يراعُهُ العجبَ العُجابا
و تحت شعار إبداعٍ و فنٍّ
تجنّى و افترى قولاً كِذابا
و سار وراء شِرذِمةٍ تغابت
و من تبعَ الهوى حتماً تغابى
يرى الدنيا ظلاماً ، و هْيَ نورٌ
و يحسب ماءها الجاري سرابا
و يعلم ان دينَ اللهِ حقٌّ
فلم يُغلق بوجهِ الغيِّ بابا
ألوذ بحصنِ خلاّقِ البرايا
و من يلجأ لغير الله خابا
و أبرأُ من ذنوبي و الخطايا
و من رأيٍ يُجنبني الصوابا
و من كُتُبٍ ، فسادُ الذوقِ فيها
تلاحق بالسفاهات الشبابا
تُزعزع من عقائده و تُدمي
مشاعرَهُ و تسقيه اليبابا
و أبرأ من قريضي إن عصاني
فلم تقشع قوافيه الضبابا
و لم يبلغ بذكر الله قدراً
علا تلك الشوامخَ و الهضابا
و أبرأ منه إن أضحى غثاءاً
و لم يك في الوغى سيفاً مُهابا
***
ألا يا معشرَ الكُتّابِ ، إني
أخاطب فيكمُ العقلَ اللُبابا
و أدعوكم بحقِّ الله ألا
تكن أقوالكم سُمّاً مُذابا
فَخُطُّوا باليراعةِ قولَ حقٍّ
تزينونَ الصحيفةُ و الكتابا