لغةٌ أخرى لمرايا البحر - حسن شهاب الدين

بحروفٍ مِنْ لُغاتٍ صدئه
ورؤى ثلجيَّةٍ مُهترئه
أرتدي موتي قناعاً شاعراً
وأروِّي بقصيدٍ ظمأه
تارةً يلبسُ صمتي عُرْيَه
تارةً يبحثُ صوتي عن رِئه
وأنا ما بين أشلاءِ الصدى
أرتمي بضعَ قوافٍ مُطفأه
يدخلُ الليلَ رمادي لابساً
جُرْحَ نايٍ في رحيلٍ بدأه
وله وجهٌ حجيميٌّ بدا
وأيادٍ قد تعدَّيْنَ المئه
وخُطى ترسفُ في قيدِ المدى
لاثماتٌ بعذابي موطئه
وفحيحُ الوقتِ قد خلَّفني
حطباً يبكي بصدرِ المدفأه
وعلى عاداتِه يحسو دَمِي
بينما تقتاتُني ذكرى امْرَأه
***
اتركوني أصبغ الليلَ أسىً
وأحيلُ الغيمَ ناراً ظمئه
أرتمي تهويمةً صوفيـَّةً
في شفاهِ الغيبِ توحي نبأه
أو أعيدُ الكونَ للبَدْءِ على
صوتِ أُنْثى في دمي مُتَّكِئه
وضَّأتْني ليلةً مِنْ دمِها
واستحالتْ وتراً في لؤلؤه
فتشكَّلتُ حروفاً خلقتْ
لغةً عنْ كلِّ قلبٍ مُنبئه
***
ها أنا أتركُ صمتي نازفاً
فوق خُطـْواتِ الثواني المبطئه
من دَمِي أطفو إلى صوتي إلى
لغةٍ أخرى به مُختبئه
وعلى كفِّي سماواتٌ خبتْ
وزمانٌ قد تناسى مِرْفأه
عازفاً للريحِ موسيقى دَمِي
رافعاً نحوكِ روحي المُخطئه
***
أشعليني بين كفَّيْكِ على
وَتَرِ الليلِ رؤًى مُجترئه
مزِّقي صمتَ المسافاتِ التي
تركتْني أحرفاً مُنطفئه
يا التي باحَ المدى في عينِها
بأغانيهِ لروحي المظمأه
كمرايا البحرِ عيناكِ وفي
نزقِ الشِّعرِ ارتمتْ ملتجئه
اغْمِسيها في لظى فِرْدَوْسِها
واتركيها للرياحِ المفجئه
ما أنا إلا بقايا أحرفٍ
في يدٍ قد غامرتْ مُستمرئه
ولقد متُّ مراراً قبل ذا
كيف بي أخشى قصيداً وامْرَأه