ذات مذبحة ستنتصر الخرائب - حسين القباحي

من نعاس أزلىِّ الصمت
قامت دهشةُ الأطفال
تعْلِك ريقَها المنسيََّّ
تطوى وحشةَ البحرِ المغادرِ
لامتدادِ الريحِ و الوقتِ الخراب
قالها طفلٌ و حلَّق:
يافضاءُ...الإرثُ محتشدٌ على كفيََّ
و الأيامُ طالعةٌ بها"
-وهذا الهيكلُ الملكيُّ جمجمةٌ و عظمٌ فاغرٌ
شفتان مطفأتان إلا من عَجيج رُغائه
و ثُغَاء مايدريه زينتُُه المضاءةُُ بالسراب-
قالها طفلٌ :
"لعلى إن بدأتُ الآنَ تنفتحُ السماء
و يشربُ الأفْق الدماء
فيرهَجُ الزحفُ المحدِّقُ في الظلام"
(1)
في حكاياتِ الصحَارَى لا ينام الرملُ عن دَمِه
إذا ما الصبحُ أغطش
سلَّ خنجرَه و نادى برقَ غيمتِه
تحَنَّكَ بالفضاء و ادَّرَع الحصى
..يعلو لتمتدَ التخومُ..السارياتُ رداؤه البدوىُّ
وجهتُه القَصاصُ العدلُ
أهلُ الله غايتُه...ودوحتُه الغياب
(2)
ذات مذبحة
ستنفرط الستائر عن ضحى ترتد غصتُه لجوف الحلق تنتصر الخرائب
و الدخان ينِزُّ عن قلبين ملتصقين بالرؤيا
و بالجرح المُعَنِّف للتراب
هل …بما وسََقَت سفينُ الوهمِ تقتربُ القوافل ؟!!
و الصعاليك القدامى-الآن-يعترفون
أن العقم حظهم الذي لم يخلعوه
و أنهم لم ينجبوا غيرَ القصائدِ و الظمأ
(3)
في لُجة فاضت غياهبها يسير الركب
ترتطم الخُطى بالصخر و الأوتاد
...لم يبق من لحم الذبائح من قِرىً للضيف
من مائنا الرقراقِ غير عكارة ذابت بها الآلام
ترتبكُ الشوارعُ من قبيل المَحْق
تعْرى تحت أسقفها الزنازن.. و الخيال المر للجلاد
يرقبها ليفْرى ماتقول برعشة الأغلالِ
و الأصفادِ كيما تطاوعَ سيدَ الكهنوتِ
لا تُبدى مساوئَها
ولا تجنحْ سوى لهواه
(4)
"الموتُ بابُ العصفِ..و الأحجارُ شارتُه"
يقولُ الطفلُ:
"و الريحانُ ينبت في المَجامر و الشقوق"
..لم يبق من إرثِ اليعاربِ
ما يبلغنا شطوط النهر
و الراقدون من الفوارس و الملوك على شفير الخوف لم يَدَعوا جناحا كي نطير
..لكن أقسى من مجىءِ الموتِ عُرىَ دمى
و سفاح يوزع في العروق كلامه كي أستغيث
للبيت موعده...و للثارات مطلبها الوحيد
فلأَخلعنَّ قميصيَ الثورىََّّ
أمتشق النوازل و الفجور
ذا قبريَ المرصودُ أرقبُه
و تلك مَطيتي.. و طني الغواية
و التهتك أمتي
أَوَ تسقطُ الحُجُبُ الكثيفةُ عن بصيرة من يرى
يمتدُّ في أُفُق الظهيرة صوتُه
و الصِبيةُ الماضون للحلم المراوغ بايعوه
مال الأصيلُ إليه
و ارتعد المساء
(5)
مثلما ورد يبدل عُريَه الأزلىَّ..أنت قريبةٌ
و الموت و الفولاذ مشتبكان في ساعات صحوهما
و مرتَهَنان في ألق الرماد
.. من فضة خارت سيخرج وجهك المسكون بالأنواء
هل أسماؤك الأولى سوى الأيات
و الأشكال هل كانت سوى زيتونة عَطشى
و نافذة تدل علىالطريق
في الوقت متسع لأحزان النساء
و في فضاء الروح متكأ لذاكرة البلاد
كل نهاية تفضى إلى أمم ستنهض
تستقيء..لترتوي بحطامها
ليكون جمر طالع من خضرة الأشجار
تنحَلُّ الضفائر عن لظي يرتاح
في خضر الصبية
كى تَشِفَّ الروح في السبع الطِباق
ليلهوَ في حرير صَبْوتها فضاءُ الشعر
تمتد القرى و العشب
و هي تمورُ كغايةٍ قُصْوى على أفق البياض،،،
(6)
"بشراكِ" قال الطفلُ
"ليكونَ موتٌ
و لتكن صورٌ وفاكهةٌ من الجسدِ الرماد
و لتنزلْ الأسماءُ من عَليائها والأممُ التي صَدِئت ..لتبقى
في ركامِ الخَلْق و الأممِ السواد