الصرخةُ والسَّيف - حمزة قناوي

يا سيِّدي .. حاكم البلاد
عامانِ أطلُبُ المُثولَ في رَحاب مجلِسك
فيُلقِني الحُرَّاس خارجَ الأسوار
عامانِ أُوصِلُ المَساءَ بالنهار
أدورُ حولَ قصرَكَ المُراقَب المَهيب
لعلَّ ثَغرَةً بعيدةً تنتهي إليكَ أو طريق
وها أنا أتيتُ في تغافُل الحُرَّاس
لألتقيكَ – والفؤادُ يمتلي بعلقم السنين
وقد نصَبتَ مجلِسك
لجوقةِ السُمَّار والمُنَافِِقِين
جهلتَ ما يدورُ بالبِلاد من أَسَى
والظُلمُ طاولَ الرَّقاب ..
أسمَل الحياةَ في العُيون
الناسُ يا مولاي جائِعون
وموسمُ الحصاد جاءَ مُجدِباً كَكُلِّ عام
وجامعو الضرائب القُسَاة يسلبونهم ..
.. جميعَ ما تطاله أيديهم الغِلاظ
ويرتشونَ مِن ذوي الضِياع والقُصور ..
.. لا يُسائِلونهم عن الضريبة التي تحقُّ للبِلاد
والجُند يعلمون !
يقاسمونهم غنيمةَ الحَرام
والوُلاةُ ظالمون
يدرونَ ما يحلُّ بالبِلاد والعباد
فالفقرُ طاولَ الجميعَ ..
.. والبَلاءُ والكساد
ويرفعونَ كُلَّ ليلةٍ رسالةً إليك
.. تنتهي بأنَّ مُلكَكَ العظيمَ في أمان
والأمورُ في البلاد
تسيرُ وِفقَ ما يُرامُ
والنَّاسُ هانِئون
يُسَبِّحونَ كُلّ ليلةٍ بحمدِ حكمِك الأمين
والسلام !
مولاي .. لو دريت فالولاة ..
قد أسدلوا عن الرعية التعيسة الستائر السوداء
وأوقفوا الحُجَّابَ يمنعونَ كُلَّ من له شِكايةٌ عن الدُّخول
وأغرقوا ليلاتِهم
بالخَمرِ والقيانِ والطَرَب
وأرسلوا في الناس من يُذِلّهم
.. بالسوطِ إن علا صراخُهُم
وطاولَ الغَضَب
حناجِرَ الضعاف والمُشَرَّدين !
وأنتَ تكتفي بحُكمِ مُلْكَكَ العريضَ من هُنا
من قصرِكَ المُشيَّد القِِبابَ والأركان
لم تَمشِ في الأسواق أو تُفاجيء البيوت كي ترى الأحزان
والفقرَ والبطالةَ العقيمَ والوباءَ والمَرَض
تعيشُ بين النَّاس كالهواء
والسَّيفُ وَحْدَهُ مُحَكَّمٌ على الرِّقاب
القَهرُ يا مولايَ خلفَ كُلّ باب
يُهيئ النفوسَ - لو دريتَ - لانتفاضة الغضب
القهرُ والعذاب
ولم يَعُد أمامَكَ الكثيرْ
إمَّا تُعيدُ للبِلاد عدلها السليب
وتُنصِفُ الضِعافَ والمُشَرَّدين
أو فانتظِر ..
أن يجنح الأسى بهم ويُفلِتُ الجُنون
وتُدرِكُ المأساةَ حينَ يُطبِقُ المَصير