الحُزن - حمزة قناوي

الليلُ حطَّ يا صديقتي على الفؤاد
الليلُ حطَّ والسَّوَادْ
يُغيمُ كُلَّ رؤيةٍ بهيجةٍ بِمُقلَتي
يُحيلُني الأسى إلى رَمَادْ
وكُلَّما فررت مِنهُ هارِباً إلى شواطيء السكون والنعاس
صادني السُهادْ
وأَشْعَلَ الأفكارَ فيَّ غيرَ آبهٍ بوحشتي
بحاجتي للارتياحِ والرقادْ
أتوهُ في دوائِر الضياعِ والأسى
تجرُفنيَ الأحزانُ في دوائر الكآبةِ الكئودْ
تَعيسةٌ متاهَتي
ثَقيْلةٌ .. كالعجزِ كالحِدادْ
تَزُورُني
تُعيدُ لي مَشَاهِدَ النَّهار
ترُدُّني إلى شَقَائيَ المُقَدَّر الأسَى
ورِحلتي العسيرة الدروب في مهامه الحياة دون زادْ
تُعيدُني إلى قيود عالمي الذي يغيبُ في المساء
وتُحْكِمُ الأصفادْ ..
.. إسَارَهَا عليَّ دونَ رَحمَةٍ
إذا مَضَتْ تشُدُّني إلى رؤى نهاريَ الفقير
ليوميَ المُستَسلِم المُنقَاد
..لقبضةِ الهموم والأحزانِ والسواد
ليوميَ الذي يمُرُّ مبطِئاً على جسور الوقت كي يُعادْ !
لا رحمةً في أوجهِ الذين يعبُرون ذلك النهار
لا بسمة على الشفاه أورقَت
أو نظرةً ودودة الضياء تُفْعِمُ الفؤادَ بالأمل
وتنشُرُ الأمانَ والوِدادْ
ألوذُ وقتها بوحدتي
أُشاغِلُ الأفكارَ والهُمومَ حتى يَعبُرَ النهار
كيلا تصيدني شِراكَ حُزنيَ المكينة الأوتادْ
تِلكَ التي تظلُّ في عراءِ الذاكرةْ
تُطِلُّ من كهوفِها العميقةِ الظلام
من رَغبَةٍ مضى الفؤادُ خلفَ طيفِها البهيج في زمانهِ البعيد ..
.. خلَّفَتْهُ وانثنت للابتعادْ
من لحظةٍ تضوَّأت بالحُلمِ والمُنى
وحينَ جاءَها .. ما نالَ من وعودِها مُرَادْ
من جَفوةٍ أذَلَّت الفؤادْ
من طيفِ وجهٍ اختفى مع السنين
تارِكاً للقلبِ حيرةً تُلقيهِ في جحيمِ الاتقادْ
لَكِنَّما النهار ينتهي ولا تزال تهدِرُ الهُمُوم
.. لا تزال حتَّى بعد أن يلفَّني الظَّلام
وأستدير مُسلِماً عناء رأسي الكليل للوسادْ
لكي يُحيطَ بي الأسىَ الضَّرير
الحُزنُ لا يغيبُ يا صديقتي
كأنَّهُ القضاءُ والمصير
يشدُّنا إذا أتى النهارُ والمساء
لرحلةٍ جميعُ ما بها من الدروبِ الشوكُ والقتادْ