يا حزْبنَا قمْ بنا نسودُ - رفاعة الطهطاوي

يا حزْبنَا قمْ بنا نسودُ
فنحن في حرْبنا أُسودُ

عند اللقا بأسنا شديدُ
هامُ عدانا لها حصيدُ

نحن البهاليلُ في المعاركْ
نحن الصناديدُ في المهالك

سهامنا أنجمُ الحوالك
بنورها يهتدي الوجودُ

نحن ليوثُ الشرى كماةُ
نحن لأوطاننا حُماةُ

ونحن بين الورى سراةُ
يبْنى ذُرى مَجدنا سعيد

جميعُنا يعشق الحروبا
وجمْعُنا يألفُ الخطوبا

هل نأنف الهولَ والكروبا
وعشينا عندها رغيد

تحت ظلالِ السيوفِ نُرزقُ
ورمحنا الموتُ وهو أزرقُ

بياضُ فجر الفخار أشرقُ
به ليالي العدوّ سودُ

في كل ماضٍ من الزمانِ
ماضي سيوفِ الوغى يماني

ما ثم من بات في أمان
إلا له عندنا عهود

لمصرنا سالفُ المزيّهْ
قد مدّنتْ سائرَ البريهْ

منها أثينا غدت مليه
بحكمةٍ قصرُها مَشيدُ

كالشمس فضلٌ لعين شمس
وأُنسُ منفٍ أجلُّ أنسِ

ووشْى تنِّيسَ غيرُ منسى
من حسنه الدهر يستفيد

وفخر طيوى قديمُ عهد
أبوابها محكماتُ عُمْدِ

وحصرُها عن صحيح عدِّ
في مائةٍ كلها شهودُ

لفضل مصر أجلُّ مَظْهر
وخيرُها للبلاد يُنثرْ

ونيلها العذب فهو كَوثَرْ
منهلُه زانَه الورود

حصوننا سامتْ الشواهقُ
أفواهُها تقذف الصواعقُ

إن سامها ماكرٌ منافقُ
في حقه يَصدقُ الوعيدُ

أهواننا تورِثُ الهوانا
لكل منْ مالَ عن هَوانا

سعيرُها للذي تَوانى
فهو لنيرانها وَقودُ

فخارُنا في اقتحام خَطْبٍ
فنونُ ضربٍ ضروبُ حَرْبٍ

لحوْزِ سلمٍ وحرْزِ سَلب
وأسرِ أسدٍ لها نَصيد

كرامٌ ضباطنا أكارمُ
آدابهم تَبْتغي المَكارمُ

وهم إذا أقْبلَ المصادمُ
ليوثُ كرٍ وذا طريد

في موقف الحرب والمنونِ
تطرُ بنا نَغَمةُ اللُحونِ

بكل ضربٍ من الفنونِ
وبحرُ أهزَاجها مديد

أيامُنا كلها مواسمُ
ثُغورها بالهنا بَراسمُ

ومن أتى حيَّنا يُزاحمُ
فنحرهُ للنسورِ عيدُ