لقد عزتْ منازُلنا - رفاعة الطهطاوي

لقد عزتْ منازُلنا
علينا من ينازلُنا

منارُ عزيزنا عال
له خضعتْ عواذلنا

ألا ياع مصرُ قد وافَى
عزيزُك والهنا صافَى

حبانا منه إنصافا
وعدلا من يعادلنا

ألا يا مصرُ فابتهجي
بحكم عزيزك البهجِ

به تَرقَىْ ذُرَى الدرجِ
وبالحسنى يعاملنا

فهذا مثلُ والده
رشيدٌ في مقاصده

بطارفِه وتالدِه
تعود لنا فضائلنا

ممالك مصر معمورة
وبالخيرات مغمورة

ممالكُ مصرَ مشهوره
بها التاريخُ واصلنا

شدَتْ بعجائب الزمنِ
بدتْ بغرائب المدنِ

وَفتْ بمناقبِ الوطن
معالمنا تدوالنا

فمَن للمجد أن يشهدْ
نجازَ مقاصدٍ تُحمد

بهمة نجله الأوحد
بها راقتْ مناهلنا

فوادي النيل بالطبعِ
غدا متمكنَ الوضعِ

وقطبُ دوائر النفعِ
ومركزها أساكلنا

ولما مستْ الحاجه
كسوْنا نيلها تاجه

فهل صورٌ وقرطاجه
عن العليا تُسائلنا

لفتح الترعةِ الكبرى
بغرب النيل في مصرا

تجددُ للغنَى عصراً
به تسمو منازلنا

غروسُ صعيدنا تسمو
صنوفُ نباته تنمو

وحان لمجده يومُ
تمنّاه أوائِلُنا

مدارسُ مصر قد عادتْ
وعدةُ أهلها ازدادتْ

وفي الآفاقِ قد سادتْ
بجدٍ من يهازلنا

لنا في سابقٍ المجد
سباقٌ باءَ بالرشدِ

وكم في حوزة الحدِّ
سعاداتٌ تُقابلنا

ننظمُ جندَنا نظما
عجيباً يُعجز الفهما

بأسدٍ تُرعب الخِصْما
فمن يَقوى يناضلنا

رجالٌ ما لها عَددُ
كمالُ نظامها العُدَدُ

حلاها الدرعُ والزردُ
سنانُ الرمح عَاملنا

وهل لخيولنا شبهُ
كرائمُ ما بها شُبَهُ

إليها الكل منتبهُ
وهل تَخفى أصائِلنا

لنا في الجيش فرسانُ
لهم عند اللِّقا شانُ

وفي الهيجاءِ عنوانُ
تهيمُ به صَواهِلنا

فها الميدانُ والشُّقرا
سقتْ أُذن العِدا وقْرا

كأنا نرسلُ الصقرا
فمنْ يبغي يراسلنا

مدافعُنا القضا فيها
وحكمُ الحتْف في فِيها

وأهونُها وجافيها
تجودُ به معاملنا

لنا الرؤساءُ أبطالُ
رجالٌ أينما جالوا

بصولة عيلمٍ صالوا
يفوقُ الحدَّ صائلنا

لنا في المدنِ تحصينُ
وتنظيمٌ وتحسينُ

وتأييدٌ وتمكينُ
منيعاتٌ معاقلنا

زمانٌ بالهنا أقبلْ
وماضي العزمِ مستقبلْ

عزيزٌ نال ما أمّلْ
به نطقتْ دلائِلنا

ويرقى صَهوة المجدِ
ويصعد مدرجَ السعْد

بإقبالٍ بلا حدِّ
به تشدو بلابلنا

يُداوي الحربَ بالسلم
ويُعطى الطبَّ للكلم

ويشفى الصدرَ بالحِلْمِ
بهذا عمَّ طائِلنا