كرباجاً خلفكَ .. يا حوذىُّ - عبد الناصر أحمد الجوهري

كرباجاً خلفكَ .. يا حوذىُّ
وإلا صرتَ كطوطمنا
فى متحف حظر التجوالْ
إنَّا فى المدن .. كفيناكَ
إشارات مرور الجزية
حين تودِّع أخبية الأعيادْ
إنَّا فى المفترق .. كفيناكَ
حواة الأمصار
وبصَّاصين الدَّرج
وطواشى الشهبندرْ
لا تتثاءب هذا الصبح كعادتكَ
لعلَّ حصانكَ ..
أتعبه
جلوزُ بلديتنا المتربِّصُ
كي يعقر ما بقى لدينا من مُهج النصرْ
كرباجاً خلفكَ يا حوذىُّ
فما خبأه المحتسبُ ..
لمملوكىٍّ أعتقه
لا يكفى أن يفتح خانة قهرٍ
فى دفتر أحوالْ
نعلم أنكَ لا تملكَ
إلا خرقة ضحكاتٍ وادعةٍ
ماذا فى الجُبَّة ؟!
مات الشُّطَّارُ على شرفة مهجتنا
بسيوف شواعرنا المدَّاحين
وذٌبحتْ أفياء الأقمار
أمام حواديتى الطيِّبة
وأمام مسلات القروىّ الحالمْ
وفراعين اليتم .. ستنقشُ لغتى
فى دلتا الغضب النائمْ
كرباجاً خلفكَ .. يا حوذىُّ
وإلا حلَّت بديار ذويك
اللعنةُ ..
إنَّ كلاليبَ الخوف
تمزِّقُ أمشاجِ الأسحارْ
كرباجاً خلفك .. يا حوذىُّ
فرمانات الباب العالى
لا تعرفُ أعراس التعب الحبلى
ماذا فى الجُبَّة ؟!
قد تنفد أتبان الحزن
وحصانكَ أعزل ..
لن يصبر حين يمور القيظُ .
وأجولةُ العتق ممزًّقةٌ
ما يتناثرُ منها ،
يــأكله غرابُ البينْ
كرباجاً خلفك .. يا حوذىُّ
فــأسفلت مرارتنا
يرمح مثل سنابك أفراس الفتح
ولكن الصاهل منها
مازال تكبِّله الأغلالْ
فتنابلةُ المحروسة
عادت تتلصَّصُ
من خلف العجلات الخشبية
يحرسها القوادون ْ
إن فواختنا الثكلى
لا تعرف كيف تخونْ
كرباجاً خلفك .. يا حوذىُّ
دماء رؤانا افترشتْ كل الأرصفة
القاهرَّيةْ
والاسطبلات المشبوهةُ
ما عادتْ تُغْلق
حين تمرُّ جنود الحاكمَّيةْ
كرباجاً خلفك .. يا حوذىُّ
أو تعرف جثة حلمي
من بين الأجداث
إذا داستْ عجلاتُ الغربة
فوق عباءتها سهواً
فمرابضنا لا تنتظرُ سوى
طير البهجة
وغداً سنعلِّقُ صفصافاً
فوق رتاج الأبوابْ
نسترجع حلقات اللمَّة
وأغاريد النسوة
ونكات الأحبابْ
ما فى الجُبَّة
غير ترانيم محبتنا
كرباجاً خلفك يا حوذىُّ
خلجاتك
لا تشبه إلا خلجات الطمىّ الراقد
فى حضن سواقينا
كرباجاً خلفك .. يا حوذىُّ
تتعلَّق بالعربة
ما تركته عفاريت التوقيف العطشى
لعرق عمَّال السُّخرة
ارفعْ كرباجكِ يا حوذىُّ
ولا تخش سعالى النيل الهاجعة
كنت قديما تضرب
صبيان شوارعنا
الفارشة بظلِّ التوبَهْ
كنت قديما
تعرفنا فرداً فرداً
تلمحنا من حدس الغربةْ
كنت قديما
تترك ناصية الحنطور
على الغاربْ
ولتلهب أظهر فجرٍ تائه
هل تقدرُ أن تضرب
أشباح طوارئنا
أو عفريت الوطن الهاربْ
أرفع كرباجك يا حوذىُّ
ولا تخش مسوخ العتمة
حين السفر
إلى الأمجادْ
وتذكَّرْ
حمحمة الأيام المُعشبة .
إذا جاء الأوغادْ