طموح وإلاّ ماصِراعُ الكتائبِ - علي الجارم

طموح وإلاّ ماصِراعُ الكتائبِ
وعَزمٌ وإلاّ فيمَ حَثُّ الركَائبِ

إذا المجد لم يترك ورَاءَكَ صَيحة ً
مُدَويِّة ًفالمجد ُأوهامُ كاذبِ

يخوضُ الهمامُ العبقري بِعزمهِ
ظلامَ الفيافِي في ظلامِ الغَياهبِ

وأرْوَعُ ما تهفو له العينُ راية ٌ
تُداعبها الأرواحُ في كَفِّ غَالبِ

وكم بَطلٍ في الأرضِ غابَ وذكرهُ
يُحلِّق في الآفاقِ ليسَ بغائبِ

يُدوِّنُه الميلادُ بينَ لِداتِهِ
ويكتُبه التاريخُ بينَ الكواكبِ

وما مَاتَ من أبقى لمصر مجادة ً
تُطاول أعنانَ السماءِ بغَاربِ

حَماهَا بعزمٍ لورأَتْه قواضبٌ
لأضحَى سناهُ حسرة ً في القواضبِ

ومن مثل إبراهيم إن حمى الوغَى
وأمطرت الأرضُ السماءَ بحاصبِ

صَواعِقُ تلقى للحتَوفِ صَواعقاً
وسُحْبٌ عُجَاجٍ تلتقي بسحائبِ

وزمزمة ُ تُنسى الرعودَ هزيمَها
وتثقب آذانَ النجومِ الثواقبِ

سلُو عنه عكا إنَّها إن تكلَّمتْ
معَاقلُها حدثتكُمْ بالعجائبِ

رماهَا بجيشٍ لو رمَى مشرِقَ الضُحى
لفر حسيرَ الطرفِ نَحو المغاربِ

رماهَا فتى ً لا يعرف الشك رأيه
ويعرف بالإلهَام سرَّ العواقبِ

ممنعة ٌ ما راضَها عزمُ قائدٍ
وعذراءُ لم تَظْفَرْ بها كَفُّ خَاطبِ

أتاهَا بنوبارتٌ يُداوي ندوبَهُ
وآبَ يصُك الوجه صَكَّ النوادبِ

أتاهَا يجُر الذْيلَ في تيه واثقٍ
فعادَ يَجُر الذْيلَ في خِزي خَائبِ

رآهَا وفي العنقودِ والكرم ما اشْتهى َ
وأيْنَ من العنقُودِ أيدِي الثعالب

وكم وضَعت مِنْ إصْبعٍ فوقَ أنفها
وكم غمزَتْ أسوارُهَا بالحواجِبِ

رأت فاتحَ الدنْيا يفرُّ جبانة ً
ويُلْقى ِ على الأقدار نظرة َ عاتبِ

ولكنَّ إبراهيم في الروْعِ كوكبٌ
إذا انقضّ فالآطام لُعبة لاعبِ

ويوم نصيبين التي قامً حولها
بنُو التركِ والألمانُ حُمْرَ المخالبِ

عَلاهَا فتى مصرٍ بضربة ِ فيصلٍ
ولكنَّها للنصرِ ضربة لازبِ

فريعَ لها البوسفورُ وارتجّ عرشُه
وصاحت ذئابُ الشِّرمن كلِّ جانبِ

أبى الغربُ أن تختَال للشرقِ راية ٌ
وأن يقفَ المسلوبُ في وجه سالبِ

أَيُدْعى َ سليلُ الشرقِ للشرق غَاصباً
ومغتاله في الغربِ ليسَ بغاصبِ

سياسَة ُ حِقْدٍ أيَن من نفثاتِهاَ
لعاب الأفَاعِي أو سموم العقاربِ

حنَاناً لإبراهيم لاقى كتائِباً
من الكيدِ لم تعْرِف نضَال الكتائبِ

غزُوه بجيشِ بالدهاءِ مُحارِبٌ
ولكنَّه بالسيف غير محاربِ

فماليَّنُوا منه قناة ً صليبة ً
ولا كدّرُوا من صفو تلك المناقبِ

عرفنا لحامى ِ القبلتيْنِ جهادَهُ
وكَمْ هانَ مطلوبٌ لعزّة طَالبِ

له العُرْبُ ألقت في إباءٍ زِمَامَها
وكانت سَراباً لا يُنالُ لشاربِ

فوحَّدهَا في دولة ٍ عربية ٍ
تُزاحم في ركب العُلاَ بالمناكب

يقولون قِفْ بالجيش ماذَا تريدُه
وماذا تُرجِّى من وَرَاءِ السباسب

فقالً إلى أَنْ تنتهى الضادُ أنتهى
وحيث تسيرُ العُرْبُ تسري نجائِبي

لقد زُهيت مصر بباعثِ شعِبها
لكسب المَعالي واقتناء الرغائبِ

وكَمْ كتبَ التاريخُ لابن محمدِ
خَوالِدَ والتاريخُ أصدقُ كاتبِ

وكَمْ صانَ مصراً من بنيه مملكٌ
بعيد منال العزمِ جَمّ المطَالبِ

شمائلُ فاروقٍ وعزّة ُ ملكهِ
تَزِيدُ جَلالاً في جلال المناسبِ