هَجَرَتنا وهَجَرْنا زَيْنَبا - علي الجارم
هَجَرَتنا وهَجَرْنا زَيْنَبا
                                                                            وصَحا القَلْبُ الذي كان صَبَا
                                                                    طالما سُقْتُ فُؤادِي نَحْوها
                                                                            فَنَبَتْ عنه مِطَالاً ونَبا
                                                                    ودعوتُ الوَجْدَ للَّهْوِ بها
                                                                            فأَبَتْ دَلاًّ عليه وأَبَى
                                                                    نَعَبَ البَيْنُ بِنَا سُقياً له
                                                                            فاسْتَعَدْتُ البَيْنَ لمّا نَعبا
                                                                    ومضَى الشَوْقُ فما جادتْ له
                                                                            مُقْلَتي بالدَّمْع لمّا ذَهَبا
                                                                    عَلِقتْ غَيْرِي وتَرْجُو صِلَتي
                                                                            عَجَباً ممّا تُرَجِّي عَجَبا
                                                                    هل يَحُلُّ الغِمْدَ سَيْفانِ معاً
                                                                            أو يضُمُّ الغِيلُ إِلاَ أَغْلَبَا
                                                                    إِنَّ هذا الْحُسْنَ كالماءِ إِذَا
                                                                            كَثُر النَّاهِلُ مِنْه نَضَبا
                                                                    وهو مِثْلُ الزَّهْرِ إِنْ أكْثَرْتِ مِنْ
                                                                            شَمِّهِ يا زَيْنُ أمْسَى حَطَبا
                                                                    وهو مِثْلُ المَال إنْ أَسْرفْتِ فيِ
                                                                            بَذْلهِ للسَّائِليه سُلِبَا
                                                                    قَدُّك المائِسُ قد بَغَّضَ لي
                                                                            كُلَّ غُصْنٍ بَيْنَ أَنْفاسِ الصَّبا
                                                                    وجَنَى خدَّيْكِ قد زَهَّدَني
                                                                            في حَدِيثِ الوَرْدِ يُزْهَى في الرُّبا
                                                                    أبْصَروا البَدرَ فقالُوا وَجْهُها
                                                                            فتَغَشَّيْتُ بثَوْبي هَرَبا
                                                                    فاحتَجِبْ يابدرُ عن أَعْيُننا
                                                                            وعَزِيرٌ. عِنْدنا أَنْ تُحْجَبا
                                                                    أَنَا يا زَيْنَبُ ماءٌ فإِذا
                                                                            هِجْتِنِي صِرْتُ لَظى ً مُلْتَهِبا
                                                                    أَرْكَبُ المَرْكَبَ صَعْباً خَشِناً
                                                                            إِنْ دَعَتْني هِمَّتي أنْ أرْكَبا
                                                                    ضارباً في سُبُلِ المَجْدِ ولَوْ
                                                                            رَصَفُوها بالعَواليِ والظُّبا